الثلاثاء 24 يونيو 2025

تنبيه أحمر من شركة أبل! هل عاد الخطړ؟

موقع أيام تريندز

في تحذير نادر وحاد، أطلقت شركة آبل مؤخرًا "تنبيهًا أحمر" لمجموعة من مستخدمي أجهزتها حول العالم، محذّرة من هجمات إلكترونية معقدة يُعتقد أنها مدعومة من جهات دولية. وقد أثار هذا التنبيه موجة من القلق والجدل، خاصة في الأوساط التقنية والإعلامية، حيث بدا أنه يتجاوز التنبيهات الأمنية المعتادة ليعكس تهديدًا حقيقيًا ومتقدمًا.

فهل نحن على أعتاب موجة جديدة من الھجمات السيبرانية؟ ومن يقف خلف هذا الټهديد؟ الأهم: هل أصبح المستخدم العادي مهددًا أيضًا؟

ما طبيعة التنبيه الذي أصدرته آبل؟

آبل أبلغت عددًا من مستخدميها برسالة مباشرة عبر البريد الإلكتروني وداخل أجهزتهم تفيد باحتمال تعرضهم لهجوم إلكتروني مُعقّد. التحذير لم يكن عامًا، بل موجهًا لأشخاص محددين، وهو ما يُعرف بـ "تنبيه التهديدات المدعومة من دول" – نوع من الھجمات التي تقوم بها جهات تملك موارد وتقنيات متقدمة، مثل أجهزة الاستخبارات أو مجموعات قرصنة برعاية حكومية.

الشركة شددت على أن الھجوم يستهدف الأفراد بناءً على هويتهم أو أنشطتهم، وليس نتيجة ضعف أمني في أجهزتهم، مما يطرح تساؤلات حول خلفية الاستهداف ودوافعه.

من المستهدف؟ ولماذا الآن؟

بحسب ما تم تداوله من تقارير وتقاطع المعلومات مع منظمات معنية بالحقوق الرقمية، فإن التنبيه وصل إلى صحفيين، ناشطين، ومحامين في عدة دول من بينها الهند، تايلاند، والأردن. البعض تلقى التحذير بعد أن ظهرت عليه علامات اختراق، مثل سلوك غريب للهاتف أو استنزاف غير مبرر للبطارية.

هذه الھجمات غالبًا ما تهدف إلى الوصول إلى رسائل، مكالمات، صور، أو حتى تشغيل الكاميرا والميكروفون دون علم المستخدم. وهذا يعيد إلى الأذهان الھجمات السابقة التي نفذتها برامج مثل "بيغاسوس"، الذي اكتُشف استخدامه ضد مئات الشخصيات البارزة حول العالم.

هل بيغاسوس عاد بالفعل؟

برنامج "بيغاسوس" الذي طوّرته مجموعة NSO الإسرائيلية أُدرج سابقًا في قائمة سوداء أمريكية بسبب استخدامه في التجسس على معارضين وصحفيين. ورغم الضغوط الدولية، إلا أن تقنيات مشابهة ما تزال تُستخدم بأسماء وأشكال مختلفة، وغالبًا من خلال ثغرات أمنية غير معلن عنها.

الطريقة التي وصفت بها آبل الھجمات الأخيرة تتوافق إلى حد كبير مع أساليب بيغاسوس: رسائل خادعة، استغلال ثغرات في iOS، وتحكم كامل بالجهاز دون تفاعل من الضحېة.

ما الذي يجعل هذا التحذير مختلفًا؟

عادةً ما تتحفظ الشركات الكبرى مثل آبل على إصدار تحذيرات مباشرة، تفاديًا للذعر أو الاټهامات السياسية. لكن إصدار تنبيه بهذا الوضوح يُظهر أن حجم الخطړ لا يمكن تجاهله. كما أن توقيت التحذير يأتي في ظل تصاعد التوترات الدولية والنزاعات الرقمية المتزايدة، حيث أصبحت التكنولوجيا أداة في الحړب الباردة الحديثة.

إضافة إلى ذلك، فإن آبل كانت قد أطلقت سابقًا "نمط الحماية القصوى" (Lockdown Mode) في نظام iOS، وهو مصمم خصيصًا لمثل هذه الحالات، ما يشير إلى أن الشركة كانت تتهيأ مسبقًا لمثل هذا السيناريو.

ما الذي يجب أن يفعله المستخدمون الآن؟

رغم أن التحذير لم يصدر لكل المستخدمين، إلا أن آبل أوصت بمجموعة من الإجراءات الاحترازية التي يمكن لأي مستخدم اتباعها لتعزيز أمن جهازه، منها:

1. تحديث النظام باستمرار: غالبًا ما تُسد الثغرات الأمنية في التحديثات الدورية.


2. تفعيل نمط الحماية القصوى: خاصة للمستخدمين المعرضين للخطړ مثل الصحفيين أو النشطاء.


3. تجنب فتح الروابط أو الملفات من مصادر غير موثوقة.


4. تفعيل المصادقة الثنائية لحساب Apple ID.


5. مراجعة أذونات التطبيقات والتقليل من الوصول غير الضروري إلى الكاميرا والميكروفون.

الأمان الرقمي لم يعد خيارًا، بل ضرورة في ظل التطور الكبير في تقنيات الاختراق.

هل المستخدم العادي في خطړ؟

من الناحية التقنية، الھجمات المتطورة كهذه تستهدف أفرادًا بعينهم، ولا تُستخدم عشوائيًا بسبب كلفتها وتعقيدها. لكن هذا لا يعني أن المستخدم العادي في مأمن تام، إذ يمكن استغلال ثغرات بسيطة لجمع بيانات تُباع لاحقًا لأغراض تجارية أو حتى جرائم إلكترونية.

كما أن الأدوات المستخدمة في هذه الھجمات تتسرب بمرور الوقت، وتُستخدم لاحقًا في هجمات أوسع، مما يعني أن كل شخص معرض بشكل أو بآخر، إذا لم يتخذ الاحتياطات اللازمة.

كلمة أخيرة

التحذير الأحمر من آبل ليس مجرد إشعار أمني، بل علامة فارقة في مشهد الحروب الرقمية. لقد دخل العالم عصرًا لم تعد فيه الأسلحة ڼارية فقط، بل رقمية وخفية، وميادينها هواتفنا وجدران خصوصيتنا.

آبل أدت واجبها في التحذير، لكن المسؤولية الكبرى تبقى على عاتق المستخدم. المعرفة واليقظة، إلى جانب استخدام الأدوات الأمنية المتاحة، هي السبيل الوحيد للحفاظ على الخصوصية في زمن تتكاثر فيه الأعين غير المرئية.

فهل نحن مستعدون بما يكفي؟ أم أن الخطړ قد عاد فعلًا... ونحن لا نزال في موقع المتفرج؟