رئيس كينيا يستقبل عبدالله بن زايد ويشهد توقيع سبع اتفاقيات ثنائية ومذكرات تفاهم

في إطار الجهود الدبلوماسية المستمرة لتعزيز علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة مع دول القارة الإفريقية، شهدت العاصمة الكينية نيروبي حدثًا مهمًا في مسيرة التعاون بين البلدين، تمثّل في زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، إلى كينيا، ولقائه بفخامة ويليام روتو، رئيس جمهورية كينيا. وقد تكللت هذه الزيارة رفيعة المستوى بتوقيع سبع اتفاقيات ثنائية ومذكرات تفاهم، تمثل خطوة استراتيجية جديدة نحو تعميق الشراكة السياسية والاقتصادية والتنموية بين البلدين.
لقاء سياسي يعكس متانة العلاقات
عقد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان لقاءً موسعًا مع الرئيس الكيني ويليام روتو في مقر الرئاسة بالعاصمة نيروبي، حيث جرى خلاله بحث سبل تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وفي مقدمتها الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والتعليم والبنية التحتية.
أكد الجانبان على أهمية تعزيز التواصل الحكومي وتبادل الزيارات رفيعة المستوى، ما يعكس حرص الإمارات على بناء شراكات طويلة الأمد في القارة الإفريقية، وتقدير كينيا لدور الإمارات كلاعب محوري في تعزيز الاستقرار والتنمية الإقليمية.
وقد أثنى الرئيس الكيني على الدور الإيجابي الذي تلعبه دولة الإمارات في دعم جهود التنمية في إفريقيا، مؤكداً رغبة بلاده في الاستفادة من الخبرات الإماراتية في مجالات البنية التحتية والتخطيط العمراني والطاقة المستدامة.
توقيع سبع اتفاقيات استراتيجية
في حدث يمثل ترجمة عملية للتفاهم السياسي، شهد الشيخ عبدالله بن زايد والرئيس الكيني توقيع سبع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين حكومتي البلدين، شملت مجالات عدة، أبرزها:
اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري: تهدف إلى تسهيل حركة الاستثمارات، وفتح آفاق جديدة للتبادل التجاري، وتسهيل الإجراءات الجمركية بين البلدين.
مذكرة تفاهم في مجال الطاقة المتجددة: تتضمن تنفيذ مشاريع مشتركة في الطاقة الشمسية والرياح، وتبادل الخبرات في مجال الاستدامة.
مذكرة تفاهم في التعليم العالي والبحث العلمي: لتعزيز التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية، وتوفير المنح الدراسية وبرامج التبادل الأكاديمي.
اتفاقية تعاون في مجال النقل والبنية التحتية: لدعم مشاريع تطوير الطرق والموانئ والمطارات، خاصة مع الاهتمام الإماراتي المتزايد بالبنية التحتية الإفريقية.
مذكرة تفاهم في المجال الصحي: لدعم القطاع الصحي الكيني بالتجهيزات الطبية، وتبادل الكفاءات والخبرات بين المستشفيات.
اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات: تهدف إلى توفير بيئة استثمارية آمنة وعادلة للطرفين، وتشجيع رجال الأعمال الإماراتيين على الدخول في السوق الكينية.
مذكرة تفاهم في الأمن الغذائي والزراعة: تتعلق بتبادل التقنيات الزراعية ودعم الاستثمارات في مجال الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي المستدام.
الإمارات وإفريقيا: رؤية تعاون مشترك
تأتي هذه الاتفاقيات في سياق الاستراتيجية الإماراتية لتوسيع آفاق التعاون مع دول القارة الإفريقية، التي تُعد من الأسواق الناشئة ذات الإمكانات الكبيرة. وتُولي الإمارات اهتمامًا خاصًا بكينيا باعتبارها من الاقتصادات الرائدة في شرق إفريقيا، ولما تتمتع به من موقع جغرافي استراتيجي، وبنية تحتية واعدة، وبيئة أعمال جاذبة.
وفي هذا السياق، فإن توقيع اتفاقية حماية الاستثمارات سيشكل محفزًا إضافيًا للقطاع الخاص الإماراتي لدخول السوق الكينية، خاصة في مجالات الزراعة، اللوجستيات، والطاقة.
دعم مستمر للتنمية والابتكار
لم تقتصر الزيارة على الجوانب السياسية والاقتصادية فحسب، بل شملت أيضًا محاور اجتماعية وتنموية، حيث جرى بحث آفاق التعاون في الابتكار، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وريادة الأعمال، بما يسهم في دعم خطط التنمية المحلية في كينيا.
كما تم التطرق إلى ملفات الأمن الغذائي والتغير المناخي، حيث أبدت دولة الإمارات استعدادها لتقاسم خبراتها وتقنياتها في هذه المجالات، خصوصًا في ظل استضافتها لمؤتمر الأطراف (COP28) العام الماضي، وتبنيها سياسات رائدة في مجال الاستدامة.
تصريحات ومؤشرات مستقبلية
أعرب سمو الشيخ عبدالله بن زايد خلال اللقاء عن تقدير دولة الإمارات للعلاقات التاريخية مع كينيا، مؤكدًا أن التوقيع على هذه الاتفاقيات يمثل "محطة جديدة في مسار التعاون المتنامي"، ويُعبّر عن التزام الإمارات بدعم الشركاء الأفارقة في سعيهم لتحقيق التنمية المستدامة.
من جانبه، وصف الرئيس الكيني ويليام روتو الزيارة بأنها "تاريخية"، وشدد على أن بلاده تنظر إلى الإمارات كشريك موثوق به، يملك رؤية واضحة وشاملة للتعاون الإفريقي.
مستقبل العلاقات الإماراتية الكينية
تعكس هذه الزيارة حرص الإمارات على ترسيخ حضورها كشريك موثوق وفعّال في إفريقيا، وتأتي في وقت تسعى فيه كينيا إلى تنويع شركائها الاقتصاديين والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية التي تضمن نقل التكنولوجيا وتحقيق النمو.
كما تمثل الاتفاقيات الموقعة خطوة متقدمة نحو بناء نموذج شراكة تنموية متكاملة، يُمكن أن يُعمّم لاحقًا مع دول أخرى في المنطقة، ويخدم تطلعات الإمارات في تعزيز روابطها الدولية بما يتماشى مع رؤية "نحن الإمارات 2031"، التي تركز على تعزيز مكانة الدولة عالميًا.