فريق عمل فيلم البؤساء يخططون لمقاطعة حفلٍ موسيقيٍّ في مركز كينيدي

موقع أيام تريندز

فريق عمل "البؤساء" يخطط لمقاطعة حفل موسيقي في مركز كينيدي: احتجاج فني ضد التدخلات السياسية

في خطوة غير تقليدية، أعلن فريق عمل النسخة المتجولة من مسرحية "البؤساء" (Les Misérables) في 8 مايو 2025 عن قراره بمقاطعة حفل موسيقي مقرر في مركز كينيدي في العاصمة الأمريكية واشنطن، الذي سيُقام في 11 يونيو 2025. المقاطعة تأتي على خلفية حضور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي تولى رئاسة مجلس إدارة المركز في فبراير 2025. هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعًا، حيث سلطت الضوء على التوتر المتزايد بين الفن والسياسة، كما فتحت باب التساؤلات حول تأثير التدخلات السياسية في الثقافة والفنون.

خلفية الحدث: مقاطعة فنية تنبع من مخاۏف سياسية

منذ إعلان المقاطعة، تبين أن ما لا يقل عن عشرة أعضاء من فريق عمل "البؤساء"، بما في ذلك العديد من الأسماء البارزة في العرض، اتخذوا قرارهم هذا احتجاجًا على الحضور المتوقع لترامب في الحفل. وسبب اعتراضهم يعود إلى التغييرات الجذرية التي شهدها مركز كينيدي بعد تعيين ترامب نفسه رئيسًا لمجلس إدارته. حيث قام ترامب بإقالة الرئيس التنفيذي السابق للمركز، ديبورا روتر، وعين مكانها ريتشارد غرينيل، وهو أحد الشخصيات المقربة منه سياسيًا.

مركز كينيدي، الذي يعد من أبرز المعالم الثقافية في الولايات المتحدة، يحمل في طياته رمزية ثقافية كبيرة باعتباره صرحًا يضم الفنون المسرحية والموسيقية والرقص. لكن مع تغير الإدارة، يشعر العديد من الفنانين بأن هذا التغيير قد يؤثر على استقلالية المركز كمؤسسة ثقافية، ويغرقه في صراع سياسي بعيد عن مهمته الأصلية.

سبب المقاطعة: التعيينات السياسية وتأثيراتها

تزايدت المخاۏف داخل فريق عمل "البؤساء" من أن التعيينات السياسية الجديدة في إدارة مركز كينيدي قد تُفرغ المؤسسة من حيادها الثقافي. فبدلاً من أن يظل المركز مكانًا غير منحاز يتبنى الفن في كافة أشكاله، باتت التوقعات تشير إلى أن السياسة قد تصبح هي الموجهة الرئيسية لقرارات المركز.

أعرب أحد أعضاء الفريق عن استيائه قائلًا: "لا نريد أن نكون جزءًا من حدث يُحتمل أن يتم استخدامه لترويج أجندات سياسية، في وقت تتزايد فيه الضغوط الحزبية في مؤسسات الثقافة والفنون". هذا التصريح يُعكس القلق المتزايد لدى الفنانين من فقدان المساحات الحرة التي تتيح لهم التعبير بعيدًا عن الاعتبارات السياسية.

من جانبه، رد ريتشارد غرينيل على هذه المقاطعة بوصف الفنانين المقاطعين بأنهم "فارغون وغير متسامحين". وأضاف: "لن يسمح مركز كينيدي بعد الآن بدعم أي نوع من التعصب أو التحامل السياسي". هذه التصريحات تثير المزيد من الجدل، وتسلط الضوء على اتساع الهوة بين وجهات النظر السياسية المختلفة في المشهد الثقافي الأمريكي.

الحقائق والإحصائيات: المقاطعة بالأرقام

عدد المقاطعين: يقدر عدد الأعضاء الذين أعلنوا عن مقاطعتهم للحفل بما بين 10 إلى 12 عضوًا من فريق عمل "البؤساء"، ويشمل ذلك العديد من الوجوه المعروفة في العرض.

المناسبة: الحفل الموسيقي المزمع إقامته في مركز كينيدي في 11 يونيو 2025 من المتوقع أن يشهد حضور ترامب بصفته رئيسًا لمجلس إدارة المركز.

التغييرات الإدارية: في فبراير 2025، تولى ترامب رئاسة مجلس إدارة مركز كينيدي، خلفًا لديبورا روتر، ليعين مكانها ريتشارد غرينيل.

ردود الفعل: تساؤلات حول استقلالية الفن

تثير هذه المقاطعة العديد من التساؤلات حول كيفية تأثير السياسة على الحياة الثقافية في الولايات المتحدة. فبينما يُعد مركز كينيدي واحدًا من أبرز المنصات الثقافية في البلاد، فإن التدخلات السياسية في إدارته قد تغير طبيعته كمؤسسة مستقلة، وهو ما يعزز المخاۏف من تسييس الفن والثقافة.

وقد عبّر العديد من النقاد والفنانين عن قلقهم من أن تأثير الأيديولوجيا السياسية على هذه المؤسسة قد يؤدي إلى تغيير طبيعة الأنشطة الفنية التي ينظمها المركز، ويحد من قدرته على التفاعل بحرية مع مختلف القضايا الإنسانية والاجتماعية. وتزداد المخاۏف من أن الفنون قد تصبح أداة لترويج سياسات معينة، بدلًا من أن تكون منصة تعبيرية خالصة.

"البؤساء" في مواجهة السياسة: هل سيكون الفن ضحېة؟

لا تقتصر أزمة "البؤساء" على مقاطعة حفل موسيقي واحد، بل هي تمثل جزءًا من صراع أكبر بين الفن والسياسة في الولايات المتحدة. فعلى الرغم من أن هذا التداخل بين الثقافة والسياسة لم يكن جديدًا، إلا أن التداعيات التي خلفتها التعيينات السياسية في مؤسسات ثقافية كبرى، مثل مركز كينيدي، تطرح تساؤلات حول ما إذا كان الفن سيظل قادرًا على البقاء بعيدًا عن تأثيرات الأيديولوجيا الحزبية.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه التوترات السياسية، يتساءل العديد من الفنانين والمبدعين: هل سيستمر الفن في كونه مساحة حرة للتعبير عن القضايا الإنسانية بعيدًا عن التدخلات السياسية؟ وهل ستظل المؤسسات الثقافية قادرة على الحفاظ على استقلاليتها في ظل الضغوط السياسية المتزايدة؟

خاتمة: تأثير التحولات على الثقافة والفن

تأتي هذه المقاطعة في وقت حساس للغاية بالنسبة لمركز كينيدي، الذي شهد تحولات إدارية هامة منذ تولي ترامب رئاسة مجلس إدارته. إلا أن هذا التغيير يثير العديد من التساؤلات حول تأثير السياسة على المؤسسات الثقافية الكبرى في الولايات المتحدة. هل ستستطيع هذه المؤسسات، ومنها مركز كينيدي، الحفاظ على استقلاليتها الثقافية بعيدًا عن التدخلات السياسية؟ أم أن هذه التغييرات ستؤدي إلى تسييس الفن والثقافة، مما ېهدد هوية هذه المؤسسات التي كانت دائمًا تمثل مساحة حرة تعبر عن التنوع الإنساني؟

تبقى هذه الأسئلة معلقة في ظل التطورات السياسية المستمرة، ومعها تزداد الحاجة إلى حماية الفنون من تأثيرات الأيديولوجيا الحزبية.