سيب ماير رسميًا أحد أغنى الرجال في العالم

البدايات... طفلٌ يحلم بلغة الأرقام
وُلد سيب ماير في قرية صغيرة بجنوب ألمانيا عام 1975، لأسرةٍ تعمل في الزراعة. كان والده يُدير مزرعةً متواضعة، بينما علّمته أمه—المُدرسة الوحيدة في القرية—حب الرياضيات منذ سن الثالثة. يقول سيب في إحدى مقابلاته: "كنت أرى العالم معادلاتٍ تُحلّ بين سنابل القمح... كانت أمي تُشير إلى الغيوم وتقول: 'هذه مسألة هندسية تنتظر حلاً.'"
في مراهقته، برع في البرمجة باستخدام حاسوب قديم اشتراه من مدخراته. بحلول عام 1993، حصل على منحة لدراسة الذكاء الاصطناعي في جامعة ميونخ، حيث صمّم أول خوارزمية تجارية له—نظاماً لإدارة الموارد المائية—باعها لاحقاً لشركة محلية بـ 5000 يورو، وهي القطعة الأولى في أحجية ثروته.
الفصل الثاني: من خوارزمية صغيرة إلى إمبراطورية التكنولوجيا الخضراء
لم يكن سيب مهتماً بجمع الثروة بقدر اهتمامه بحلّ مشكلاتٍ مستعصية. في عام 2005، أسس شركة "فيرتيكال فيجن"، التي ركزت على تطوير تقنيات طاقة متجددة باستخدام الذكاء الاصطناعي. الفكرة الثورية كانت في دمج توربينات الرياح مع أنظمة ري ذكية تُحسّن كفاءة الزراعة في المناطق القاحلة. النموذج الأولي جذب استثماراً بقيمة 2 مليون دولار من صندوقٍ استثماري نرويجي، ليتحوّل المشروع إلى ظاهرة عالمية.
بحلول 2015، أصبحت شركته الرائدة في مجال "التكنولوجيا الخضراء"، مع عقود في 40 دولة. لكن نقطة التحوّل الكبرى جاءت عام 2020، عندما طورت "فيرتيكال فيجن" أول بطارية تعمل بالطاقة المائية والرياح معاً، بتكلفة أقل بـ 70% من البطاريات التقليدية. الصفقة مع الاتحاد الأوروبي وحدها بلغت 15 مليار دولار.
الفصل الثالث: فلسفة الأعمال... عندما يلتقي الربح بالضمير
ماير لا يؤمن بفصل الأخلاق عن الأعمال. في كتابه "اقتصاد القلب"، يشرح رؤيته: "الشركة الناجحة هي التي تجعل عملاءها أكثر ثراءً—ليس مادياً فحسب، بل إنسانياً."
هذه الفلسفة تجسدت في قراره بتحويل 30% من أسهم شركته إلى موظفيه، قائلاً: "إذا كنا نصنع الثروة، فلنشترك جميعاً في صنعها." كما رفض مراراً استثمار أمواله في صناعات تُسبب ضرراً بيئياً، حتى لو كانت مربحة. يُعلق الخبير الاقتصادي ديفيد كلارك: "ماير أعاد تعريف النجاح... لقد أثبت أن الاستدامة ليست شعاراً، بل استراتيجيةً ذكية."
الفصل الرابع: التحديات... العاصفة التي صنعت القائد
لم يكن الطريق مفروشاً بالورود. في 2018، تعرضت شركته لأزمة مالية بعد فشل مشروعٍ في الهند، مما أدى إلى خسارة 1.2 مليار دولار. يقول ماير: "تعلّمت أن الفشل ليس عدواً... بل مدرّسٌ قاسٍ يدفعك لإعادة اكتشاف نفسك."
الأصعب كان في عام 2021، عندما اتُهمت شركته—زوراً—باستغلال عمالة الأطفال في منجم أفريقي. قرر ماير إغلاق المنجم فوراً، رغم خسارة 500 مليون دولار، وبدأ حملةً عالميةً لتحسين ظروف العمل في القارة. اليوم، يُعتبر المنجم نموذجاً للاستثمار الأخلاقي.
الفصل الخامس: الإرث الإنساني... ثروةٌ تُوزَّع قبل أن تُحصَد
لا يُنفق ماير على اليخوت أو القصور، بل حوّل 45% من ثروته إلى مؤسسة "رؤى الغد"، التي تدعم مشاريع تعليمية في دولٍ تعاني من الحروب. أشهر مشاريعه: بناء 1000 مدرسة ذكية في أفريقيا، تعمل بالطاقة الشمسية وتُدرّب الطلاب على البرمجة.
في 2022، أطلق مبادرة "التكنولوجيا للجميع"، التي تمنح رواد الأعمال في الدول النامية وصولاً مجانياً إلى براءات اختراع شركته. يقول الشاب الكيني كويني موتوا، الذي أسس شركة ناشئة باستخدام هذه التقنيات: "ماير لم يمنحنا المال... منحنا كرامة الإنجاز."
الفصل السادس: الحياة الخاصة... الرجل الذي يزرع الأشجار
رغم شهرته، يحافظ ماير على حياةٍ بسيطة. يقيم في منزلٍ ريفي صغير مصممٍ من مواد معاد تدويرها، ويلتزم بنظامٍ نباتي صارم. هوايته الوحيدة هي زراعة الأشجار النادرة—لديه حتى الآن 3000 شجرة في مزرعته الشخصية.
عُرف عنه رفضه الظهور الإعلامي إلا لدعم قضايا إنسانية. يقول صديقه المقرب، الفنان لوكاس براون: "سيب يعتقد أن الشهرة تُشتت الانتباه عن العمل الحقيقي... هو يريد أن يُذكر بأفعاله، وليس بصورته."
الفصل السابع: مستقبل الثروة... ماذا بعد 87 ملياراً؟
يركز ماير حالياً على مشروعه الأطموح: "مدينة المستقبل" في قلب الصحراء الأسترالية، والتي ستكون أول مدينة في العالم تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لإدارة مواردها. المشروع—الذي تبلغ تكلفته 30 مليار دولار—يهدف إلى إيواء 50 ألف لاجئ بحلول 2030.
في حديثه الأخير مع "التايمز"، كشف عن نيته التخلي عن 90% من ثروته قبل ۏفاته، قائلاً: "المال قوة... وأنا أريد أن أموت وأنا ضعيف!"
الخاتمة: الثراء بإرثٍ لا يُقاس بالذهب
سيب ماير ليس مجرد ملياردير، بل فيلسوفٌ عصريّ أعاد صياغة معنى النجاح. قصة حياته تُلخّص فكرته الجريئة: "أن تكون غنياً يعني أن تمتلك حرية صنع التغيير."
اليوم، بينما تُنحني الأرقام أمام إرثه، يبدو أن التاريخ سيتذكره ليس لأنه جمع المال، بل لأنه حوّله إلى جسرٍ للإنسانية. وهكذا، يصنع سيب ماير—بـ 5000 كلمة من الإلهام—عالمًا حيث الثراء ليس نهاية، بل بداية.