رهام أيمن تحتفل بعيد ميلاد ابنتها ليلى الثامن

رهام أيمن تُحيي ذكرى الحب والألقاب في حفل ساحر
في عالمٍ تُختزل فيه المناسبات أحياناً في صور عابرة على وسائل التواصل، قررت رهام أيمن أن تحوّل عيد ميلاد ابنتها ليلى الثامن إلى لوحة فنية تروي حكاية أمومة لا تُختصر. لم تكن الاحتفالية مجرد تجمع للبالونات والكعك، بل رحلةٌ عاطفية نسجت تفاصيلها بحروف من الذكريات والرموز، لتخلد لحظة تحوّل الطفلة إلى شخصيةٍ مستقلة تحمل أحلاماً تبحث عن أجنحة.
الفصل الأول: من فكرة عابرة إلى عالمٍ موازٍ
قبل أشهر من الموعد، بدأت رهام برسم خريطة ذهنية لـ"ليلى 8"، كما تُسميها. لم ترد الأم أن تكون المناسبة نسخةً مكررة من حفلات الأطفال، بل مساحةً تعكس تحوّلات ابنتها خلال عامها السابع. تقول رهام: "ليلى لم تعد تلك الطفلة التي تلهو بالدمى فقط، لديها الآن رأيٌ في ملابسها، وأفكارٌ عن أبطال القصص، بل بدأت تكتب مذكراتها السرية... أردت أن أشعرها بأنها صاحبة عالمٍ خاص يُحتَرم".
من هنا، ولدت فكرة "مملكة الكلمات"، وهو عنوان الحفل المستوحى من شغف ليلى بالقراءة والرسم. كل زاوية في الحديقة التي اُختيرت كموقعٍ للاحتفال تحوّلت إلى فصل من قصة: جسرٌ من الكتب المؤلَّفة من صناديق خشبية يقود الضيوف إلى "غابة الحروف"، حيث علقت على الأشجار أوراقٌ مكتوبة بخط ليلى، تحمل كلمات مثل "الفضاء"، "الفن"، "الكرة الأرضية"، كإشارةٍ إلى اهتماماتها المتشعبة. حتى الطاولات سُميت بأسماء رواياتٍ مفضلة لديها، مثل "أليس في بلاد العجائب" و"الأمير الصغير".
الفصل الثاني: تفاصيل تروي ما لم تُحكَ
فيما يبدو للبعض ديكوراً عادياً، تختبئ في كل عنصرٍ من عناصر الحفل قصصٌ شخصية. الكعكة، على سبيل المثال، لم تكن مجرد تحفة من السكر، بل صُممت على شكل كتاب مفتوح، مع إضافة صفحةٍ تظهر رسوماً لـ"حكايات ليلى قبل النوم" التي دونتها رهام بنفسها خلال السنوات الماضية. أما الهدايا، فلم تُوزَّع بالطريقة التقليدية، بل خبأتها الأم داخل صناديق على شكل أحجيات، يتطلب فتحها حل ألغازٍ مرتبطة بذكريات مشتركة بينها وبين ابنتها.
ولأن رهام تؤمن بأن "الاحتفال مسؤولية أخلاقية"، حرصت على أن يكون الحفل صديقاً للبيئة: البالونات من المطاط القابل للتحلل، والأطباق من أوراق الذرة، حتى الألعاب الجماعية كانت تعتمد على إعادة تدوير مواد منزلية. تقول ضيفة إحدى الحاضرات: "لم أشهد حفلاً بهذا الإبداع الواعي... كأن كل تفصيلة تُذكّرنا بأن الفرح لا يجب أن يكون على حساب الأرض".
الفصل الثالث: الفرح كرسالة... عندما تتحول المناسبة إلى إرث
لم تكتفِ رهام بتحقيق البهجة لابنتها، بل أرادت تحويل العيد إلى "رسالة إنسانية". بالتعاون مع إحدى الجمعيات، خصصت ركناً في الحفل لجمع تبرعات لشراء كتب لمكتبة مدرسة في منطقة نائية، مع تعليق لافتة كُتب عليها: "هدية ليلى لكل طفل يحلم بقصة". كما أعدت ورشةً تفاعلية للأطفال لكتابة رسائل إلى أقرانهم في المناطق المحرومة، مع وعد بإرسالها.
الأمر الأكثر تأثيراً كان "كبسولة الزمن"، حيث طلبت رهام من كل ضيف كتابة رسالة إلى ليلى تُفتح عند بلوغها الثامنة عشرة. وضعت الأم رسالتها الخاصة في الكبسولة، وكشفت لاحقاً أنها تضمنت شكراً لابنتها لأنها "علمتها كيف تكون طفلةً من جديد".
الفصل الرابع: اللحظات التي لا تُنسى... بين دموع الأم وضحكات الابنة
عندما أضاءت الشموع، ارتجف صوت رهام وهي تروي قصة ولادة ليلى قبل ثماني سنوات، وكيف أن الطفلة التي لم يتجاوز وزنها كيلوغرامين أصبحت تُدرّسها معنى "الحياة المرسومة بالأمل". لم تكن تلك الكلمات مُعدّة مسبقاً، بل انفعالاً صادقاً جعل الضيوف يشاركونها البكاء.
لكن المفاجأة الأكبر كانت عندما وقفت ليلى لتلقي كلمة شكر، قالت فيها: "أمي علمتني أن العمر ليس رقمًا، بل عدد المرات التي نضحك فيها معاً". الجملة التي علقت في أذهان الحضور، وكشفت أن الاحتفال لم يكن مجرد يومٍ للطفلة، بل تكريماً لرحلة أمومةٍ استثنائية.
الفصل الخامس: ما وراء الكواليس... التحديات التي صنعت السحر
وراء كل لمسة جمالية، تكمن ساعات من التخطيط والعمل الدؤوب. كادت الأم تلغي فكرة الاحتفال في الهواء الطلق بسبب توقعات الأمطار، لكنها قررت المضي قدماً مع إعداد خطة بديلة تحت خيمةٍ زجاجية. كما واجهت صعوبة في إقناع بعض الأقارب بفكرة "الحفل غير التقليدي"، الذين اعتادوا على حفلات المطاعم والوجبات الفاخرة.
لكن التحدي الأكبر كان "ابتكار هدية تليق بالحدث". قررت رهام كتابة كتاب مصوّر بعنوان "ليلى بعيون أمها"، يحتوي على 365 رسماً—واحداً لكل يوم من عامها السابع—مع ملاحظات قصيرة تسجل تطور شخصيتها. استغرق إعداده ثلاثة أشهر من العمل السري، لتقدمه لابنتها مع أول ضوء في يوم العيد.
الخاتمة: عيد ميلاد أم عيد أمومة؟
قد يظن البعض أن رهام بالغت في تفاصيل الحفل، لكنها تجيب: "الأيام تمر سريعاً، أريد لليلى أن تعود إلى هذه الذكريات يوماً ما فتشعر بأنها كانت محور كونٍ كامل... هذا أقل ما نقدمه لأطفالنا في زمنٍ يسرق منهم براءتهم".
الاحتفال لم يكن مجرد احتفاء بعامٍ جديد في حياة الطفلة، بل شهادة على أن الحب حين يُصاغ بإبداع، يصير قادراً على تحويل اللحظات العابرة إلى إرثٍ دائم. وهكذا، كتبت رهام أيمن—بـ 5000 كلمة من الفرح—فصلاً جديداً في قصة أمومتها، حيث الأرقام مجرد تفاصيل، والذكرى هي العنوان الأكبر.