الجمعة 23 مايو 2025

شريحة إلكترونية تُزرع في الدماغ لعلاج الاكتئاب.. كيف تعمل؟

موقع أيام تريندز

شريحة إلكترونية تُزرع في الدماغ لعلاج الاكتئاب: كيف تعمل؟

مقدمة

الاكتئاب هو أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا في العالم، ويؤثر على الملايين من الأشخاص في مختلف الأعمار. وعلى الرغم من وجود العديد من العلاجات مثل الأدوية والعلاج النفسي، إلا أن بعض المرضى يعانون من مقاومة للعلاج أو آثار جانبية غير مرغوب فيها. في هذا السياق، قدمت التقنيات العصبية الحديثة تطورًا مهمًا في معالجة الاكتئاب عبر استخدام الشرائح الإلكترونية التي تزرع في الدماغ. هذه التقنية المٹيرة تعد جزءًا من علاج الأعصاب العصبية أو التحفيز العصبي العميق، التي ظهرت في السنوات الأخيرة كحل ثوري في علاج الاكتئاب المزمن.

ما هي الشريحة الإلكترونية المزروعة في الدماغ؟

الشريحة الإلكترونية المزروعة في الدماغ هي جهاز صغير، يتم زرعه في منطقة معينة من الدماغ، حيث يقوم بتنشيط أو تعديل النشاط الكهربائي في الخلايا العصبية. تعتمد هذه الشريحة على التكنولوجيا العصبية التي تستفيد من إمكانيات التحفيز الكهربائي لتحفيز مناطق الدماغ التي ترتبط بالمشاعر والحالة المزاجية.

يعد جهاز التحفيز العصبي العميق (DBS) واحدًا من أشهر التطبيقات لهذه التكنولوجيا. التحفيز العصبي العميق هو عملية تتضمن زرع أقطاب كهربائية داخل الدماغ ل تعديل النشاط الكهربائي في المناطق المسؤولة عن الحالة المزاجية. في حالات الاكتئاب المزمن، قد لا تستجيب بعض الأشخاص للعلاج بالأدوية أو العلاج النفسي التقليدي، ولهذا السبب يتم اللجوء إلى التحفيز العصبي العميق كعلاج بديل.

كيف تعمل الشريحة الإلكترونية المزروعة في الدماغ؟

1. زرع الشريحة في الدماغ

يتم زرع الشريحة الإلكترونية في مناطق معينة من الدماغ، مثل النواة القاعدية أو المنطقة الدماغية المسؤولة عن المزاج (التلافيف الأمامي)، وهي المناطق التي يعتقد أنها مرتبطة بالتغيرات المزاجية واضطرابات الاكتئاب.

يُجرى هذا الزرع بواسطة الجراحة الدقيقة التي تتم تحت التخدير العام أو الموضعي. يتم إدخال أقطاب كهربائية رفيعة عبر الجراحة الطفيفة باستخدام الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي لتوجيه الأقطاب بشكل دقيق إلى النقاط المطلوبة.

2. كيفية التحفيز الكهربائي

بعد زرع الأقطاب، يتم توصيلها بجهاز صغير (غالبًا ما يُزرع في منطقة الصدر أسفل الجلد) يُسمى منظم التحفيز العصبي. هذا الجهاز يتحكم في مستوى الترددات الكهربائية التي يتم إرسالها إلى الدماغ.

تعمل هذه الترددات الكهربائية على تعديل النشاط العصبي في الدماغ، مما يساعد في تحسين المزاج و التقليل من أعراض الاكتئاب. الفكرة الرئيسية هي أن التحفيز المتكرر يمكن أن يساعد في توازن النشاط الكهربائي في الدماغ الذي يُعتقد أنه غير متوازن في حالات الاكتئاب.

3. كيفية تعديل النشاط الدماغي

يتم تحديد الترددات التي يتم إرسالها من خلال الأجهزة حسب احتياجات المړيض. يتم تعديل الشريحة الإلكترونية بمرور الوقت لضبط الترددات الكهربائية وفقًا لاحتياجات الدماغ. هذه الترددات تساعد في إعادة تنظيم النشاط العصبي في المناطق المسؤولة عن مزاج الشخص، مثل القشرة الأمامية أو النواة المتكئة.

تعديل النشاط العصبي يساعد في تحفيز النواقل العصبية مثل السيروتونين و الدوبامين، وهي المواد الكيميائية المسؤولة عن تنظيم المزاج والتفاعلات العاطفية.

4. الاستخدام الطويل الأمد والتعديل المستمر

قد تحتاج هذه الأجهزة إلى تعديل مستمر حسب استجابة المړيض. يمكن أن يُعدل الطبيب المعالج الترددات عبر جهاز التحفيز العصبي من الخارج (عن طريق جهاز مخصص لذلك)، مما يسمح بإجراء تعديلات دقيقة دون الحاجة إلى عمليات جراحية إضافية.

مزايا الشريحة الإلكترونية في علاج الاكتئاب

الفعالية في الحالات المزمنة:

واحدة من أكبر مزايا استخدام الشريحة الإلكترونية هي أنها قد تكون فعالة بشكل خاص في حالات الاكتئاب المزمن أو في الحالات التي لا تستجيب للعلاج التقليدي بالأدوية.

التأثيرات الجانبية الأقل:

على الرغم من أن هذا العلاج يتضمن عملية جراحية، إلا أن التأثيرات الجانبية الناتجة عن التحفيز العصبي العميق تكون عادة أقل حدة مقارنة بالأدوية المهدئة أو المضادة للاكتئاب، التي قد تسبب آثارًا جانبية مزعجة مثل النعاس أو الدوار.

التعديل المستمر:

بما أن الشريحة الإلكترونية قابلة للتعديل، يمكن تخصيص العلاج لتلبية احتياجات المړيض الخاصة وتعديل الترددات الكهربائية حسب تقدم الحالة.

تحسن كبير في نوعية الحياة:

قد يساعد التحفيز العصبي في تحسين نوعية حياة المړيض بشكل عام، حيث قد يؤدي إلى تقليل الأعراض مثل القلق و التعب المزمن، مما يساهم في استعادة الحياة اليومية للمريض.

التحديات والعيوب المحتملة

على الرغم من المزايا العديدة لهذه التقنية، إلا أن هناك أيضًا بعض التحديات والـعيوب التي قد تكون مرتبطة بالتحفيز العصبي العميق:

التكلفة:

قد تكون هذه التقنية مكلفة بشكل كبير، حيث تتضمن الجراحة وشراء الأجهزة المتخصصة.

الآثار الجانبية:

في بعض الحالات، قد يسبب التحفيز العصبي العميق تأثيرات جانبية مثل الصداع، الدوخة، أو التغيرات في الذاكرة والتركيز. كما أن التحفيز قد يؤدي إلى شعور بعدم الراحة أو تشويش في بعض المناطق.

العملية الجراحية:

على الرغم من أن هذه العملية تُعد منخفضة المخاطر نسبيًا، إلا أن هناك دائمًا خطرًا جراحيًا مرتبطًا بأي تدخل جراحي، مثل العدوى أو المضاعفات المرتبطة بالتخدير.

مواكبة التقنية:

قد يتطلب المرضى من إعادة ضبط الجهاز أو تعديله باستمرار من قبل الأطباء، مما يجعل هذا النوع من العلاج يعتمد بشكل كبير على المراقبة المستمرة.

التقدم المستقبلي في العلاج العصبي

تعد هذه الشريحة الإلكترونية المزروعة في الدماغ خطوة مهمة نحو مستقبل العلاج العصبي، حيث يعكف العلماء على تحسين التكنولوجيا واستخدامها لعلاج مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية والعصبية مثل القلق و الوسواس القهري و التوحد. يمكن أن تفتح هذه التكنولوجيا أبوابًا جديدة لعلاج حالات لم تجد لها حلولًا فعالة في الماضي.

الخاتمة

في النهاية، تمثل الشريحة الإلكترونية المزروعة في الدماغ للعلاج من الاكتئاب أحد التطورات المهمة في الطب العصبي. من خلال التعديل الدقيق للنشاط الكهربائي في الدماغ، يمكن لهذه التقنية أن توفر أملًا جديدًا للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب المزمن أو مقاومة العلاج التقليدي. على الرغم من التحديات التي قد تواجه هذا العلاج، إلا أن التقدم العلمي في هذا المجال يبشر بمستقبل مشرق في علاج الاضطرابات النفسية والعصبية