امرأة تكتشف مخبأ مدفونا في حديقتها، ماذا وجدت؟

كانت ليلى تستمتع بصباحها الهادئ في حديقتها الواسعة، تلك البقعة التي ورثتها عن عمها العجوز. بينما كانت تقلم الأشجار المتضاربة بالقرب من السور الشرقي، لاحظت وجود تلّة صغيرة غير متناسقة مع تضاريس الأرض. لم تكن تلك التلة موجودة في الموسم الماضي، مما أثار فضولها. أمسكت بالمجرفة الصدئة التي تركها عمها وأخذت تحفر بحذر، لتكتشف بعد دقائق أن التلة تخفي تحتها باباً خشبياً صغيراً مغطى بطبقة سميكة من الطين.
قلب ليلى خفق بقوة حين جذبت الحلقة الحديدية المتآكلة لفتح الباب، الذي صدر عنه صوت صرير مخيف كما لو أنه لم يُفتح منذ عقود. انبعثت رائحة عفن ممزوجة برائحة معدنية غريبة. أضاءت مصباحها لترى درجات سلم حجريّة تنحدر إلى الظلام. لم تكن خائڤة، بل ممتلئة بشغف الاكتشاف. نزلت ببطء، حاسّةً ببرودة الحجارة تحت يديها، حتى وجدت نفسها في قبو صغير مساحته لا تتجاوز غرفة النوم.
ما رأته جعل عينيها تتسعان. في منتصف الغرفة، كانت هناك طاولة حجرية عليها مجموعة من الأشياء الغريبة: كأس فضّي مغطّى بزخارف غامضة، خريطة قديمة مرسومة على جلد حيوان، ومجموعة من العملات الذهبية التي تحمل وجوهاً لم تعرفها من التاريخ. لكن الشيء الأكثر غرابة كان كتاباً ضخماً مغطى بجلد أسود، مربوطاً بأربطة جلدية ومزيناً برموز غريبة تشبه النجوم والكواكب.
فتحت ليلى الكتاب بحذر، لتفاجأ بأن الصفحات كانت مليئة بكتابات بخط يد أنيق، لكن بلغة لم تستطع فهمها. بعض الصفحات احتوت على رسومات لنباتات غير مألوفة، ووصفات لعقاقير، وحتى مخططات لآلات غريبة. في الصفحة الأخيرة، وجدت رسالة قصيرة مكتوبة بلغة عربية قديمة، تقول: "إن وجدت هذا، فاعلم أن الحقيقة أكبر مما ترى. ابحث عن الشجرة التي تحمل علامة الهلال، وستجد الجواب".
تركت ليلى الكتاب جانباً وبدأت تبحث في بقية الغرفة. تحت الطاولة، وجدت صندوقاً صغيراً من خشب الأبنوس، بداخله خاتم ذهبي مرصّع بحجر زمرد أخضر غامق، ومعه مفتاح صغير. تذكرت فجأة الشجرة العتيقة في زاوية الحديقة، تلك التي كان عمها يخبرها دائماً أنها "شجرة الأسرار". هرعت إلى الخارج، متجاهلة الأتربة التي علقت بملابسها، واتجهت مباشرة إلى الشجرة العملاقة. عند فحص جذعها، اكتشفت علامة الهلال المحفورة بدقة، ومغطاة جزئياً باللحاء.
بعد دقائق من البحث، وجدت فجوة صغيرة مخفية بين الجذور. أدخلت المفتاح الصغير، ودار بإحكام كما لو كان ينتظر هذه اللحظة منذ سنوات. انفتح جزء من الجذع ليكشف عن تجويف يحتوي على حقيبة جلدية صغيرة. داخلها، كانت هناك مجموعة من الرسائل المختومة بختم شمعي أحمر، وصورة بالأسود والأبيض لامرأة ترتدي ملابس تعود إلى مطلع القرن الماضي. كانت المرأة تحمل نفس الخاتم الذهبي الذي وجدته ليلى في الصندوق.
الأكثر غرابة كان مذكرات صغيرة مكتوبة بخط اليد، تروي قصة امرأة تدعى "وداد"، التي كانت عالمة نباتات وُصفت بالجنون لأنها آمنت بوجود نباتات سحرية يمكنها شفاء الأمراض المستعصية. المذكرات تشرح كيف اكتشفت وداد نوعاً نادراً من الزهور في هذه الحديقة بالذات، وكيف أخفت أبحاثها خوفاً من سرقتها. آخر صفحة في المذكرات كانت تحوي إحداثيات تقود إلى مكان ما في الصحراء، مع جملة تقول: "هناك حيث يلتقي القمر بالرمال، تكمن الحقيقة التي ستغيّر كل شيء". أدركت ليلى أنها ليست مجرد حديقة عادية، بل كانت مكاناً لأبحاث سرية طُمرت مع الزمن. قررت أن تتبع خيط الأسرار هذا، فبدأت بزيارة الأرشيف الوطني للبحث عن أي معلومات عن "وداد". بعد أسابيع من البحث، اكتشفت أن وداد كانت عالمة مشهورة في ثلاثينيات القرن الماضي، لكنها اختفت فجأة دون أثر. بعض الوثائق تشير إلى أنها ربما قُتلت لأن أبحاثها كانت خطېرة جداً على شركات الأدوية في ذلك الوقت.
لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما وجدت ليلى مقالاً صحفياً قديماً يتحدث عن اكتشاف نادر لنبات منقرض في الصحراء الشرقية، مع صورة لنبتة تشبه الزهرة المرسومة في مذكرات وداد. الإحداثيات في المذكرات قادتها إلى منطقة نائية، فقررت تنظيم رحلة استكشافية. بعد رحلة شاقة، وجدت ليلى نفسها أمام كهف صغير منحوت في الصخر. داخله، كانت هناك أدوات مختبرية قديمة، وعينات نباتية محنطة، ومخطوطة توضح بالتفصيل كيف استطاعت وداد استخلاص دواء من تلك النبتة يمكنه علاج أمراض كان يعتقد أنها مستحيلة الشفاء.
الأهم من ذلك، وجدت ليلى عينة حية صغيرة من النبتة النادرة، محفوظة بعناية في وعاء زجاجي مغلق بإحكام. كانت وداد قد كتبت ملاحظة تقول: "إنها آخر عينة، حافظوا عليها كي لا تنتهي المعرفة معي". حملت ليلى الكنز العلمي بعناية، وعادت إلى بيتها وهي تعرف أن عليها إكمال ما بدأته وداد.
بعد أشهر، وبمساعدة علماء نباتات، تمكّنت ليلى من زرع النبتة وتكثيرها. الأبحاث الأولية أثبتت أن مستخلصاتها تحتوي على خصائص علاجية مذهلة. لم تكن الكنوز التي وجدتها ليلى ذهباً أو مجوهرات، بل كانت معرفة يمكنها إنقاذ أرواح. حديقتها لم تعد مجرد أرض خضراء، بل أصبحت جسراً بين ماضٍ منسيّ ومستقبل واعد، حيث تكمن أعظم الكنوز أحياناً في أبسط الأماكن، تنتظر فقط من يكتشفها.