الجمعة 23 مايو 2025

راغب علامة يزور مراكش في المغرب

موقع أيام تريندز

في خطوة تثير الفضول وتستحق التأمل، اختار عملاق الأغنية العربية راغب علامة أن يجعل من مدينة مراكش المغربية محطة جديدة في رحلته الفنية والحياتية. هذه الزيارة التي جاءت في توقيت يشهد فيه المشهد الفني العربي تحولات كبيرة، حملت بين طياتها الكثير من الرسائل والدلالات التي تستحق الوقوف عندها.

تجول الفنان الكبير بين أزقة المدينة العتيقة، متنقلاً بين معالمها التاريخية التي تختزل قروناً من الحضارة. بدءاً من ساحة جامع الفنا التي تعتبر لوحة فنية حية، ومروراً بالأسواق التقليدية التي تحتفظ بعبق الماضي، وصولاً إلى القصور التاريخية التي تروي حكايات الأجداد. كل هذه المحطات شكلت خلفية مثالية لزيارة حملت طابعاً شخصياً عميقاً أكثر من كونها مجرد جولة سياحية عابرة.

ما ميز هذه الزيارة هو ذلك الحوار الخفي بين الفنان والمدينة، حيث بدا علامة وكأنه يستلهم من جدران مراكش وألوانها وأصواتها طاقة إبداعية جديدة. في أكثر من موقف، توقف مطولاً أمام التفاصيل المعمارية الدقيقة، وكأنه يقرأ سطوراً من تاريخ موسيقي عريق. هذه العلاقة الحمېمة بين الفنان والمكان لم تخلُ من لحظات مؤثرة، خاصة عندما تفاعل مع العازفين الشعبيين في الساحة الشهيرة، في مشهد جمع بين الأصالة والمعاصرة.

على مائدة مغربية عامرة بالألوان والنكهات، جلس علامة يتذوق أطباقاً تحمل تراثاً طهوياً عريقاً. الطاجين بكل تفاصيله، الكسكس بأصنافه المتنوعة، والحلويات المغربية التي تشبه لوحات فنية، كلها شكلت جزءاً من تجربة غنية للفنان الذي عبر عن انبهاره الشديد بالثقافة الغذائية المغربية. هذه اللحظات التي شاركها مع متابعيه عبر وسائل التواصل، حملت رسالة غير مباشرة عن أهمية التبادل الثقافي بين الدول العربية.

في لقاءات خاصة مع نخبة من المثقفين والفنانين المغاربة، دارت نقاشات عميقة حول واقع ومستقبل الفن العربي. علامة الذي عرف بحكمته الفنية، طرح رؤى ثاقبة حول ضرورة توحيد الجهود لإنتاج أعمال فنية عابرة للحدود، مؤكداً أن المغرب يمتلك مقومات أن يكون مركزاً إشعاعياً للفن العربي. هذه الجلسات التي امتزجت فيها الآراء الفنية بالتحليلات الثقافية، كشفت عن بعد استراتيجي في تفكير الفنان الذي لا يزال يحمل هموم الفن الأصيل.

الجميل في هذه الرحلة هو ذلك التواضع الذي أظهره النجم الكبير في تعامله مع الجمهور المغربي. فبينما كان يتجول في الأسواق، توقف أكثر من مرة للتقاط الصور مع المعجبين، مستمعاً لذكرياتهم مع أغانيه التي رافقتهم عبر السنين. في مشاهد تلقائية مؤثرة، تحولت بعض اللقاءات إلى جلسات غنائية عفوية، حيث انطلق الحضور يرددون كلمات أغانيه التي أصبحت جزءاً من ذاكرة جماعية.

زيارة راغب علامة لمراكش لم تكن مجرد حدث فني عابر، بل كانت بمثابة رسالة حب للمغرب الذي احتضن الفن العربي عبر عقود. هذه العلاقة الخاصة بين الفنان والمدينة تجاوزت حدود الزيارة الرسمية، لتصبح حواراً ثقافياً بين ضفتي العالم العربي. ربما تكون هذه الرحلة قد وضعت اللبنات الأولى لمشاريع فنية قادمة، أو ربما تكون مجرد محطة استراحة محارب في مسيرة فنية حافلة. في كل الأحوال، ستظل ذكرى هذه الزيارة عالقة في أذهان محبي الفن الأصيل، كشهادة على تلاقي الثقافات العربية في أبهى صورها.