هل تستعيد الهند كوهينور؟ قصة الماسة المسروقة التي ما زالت تثير الجدل

من بين آلاف الأحجار الكريمة التي سجلت في التاريخ تظل ماسة كوهينور رمزا للصراع السياسي والثقافي وجوهرة تختزل في بريقها قرونا من الهيمنة الطمع والڼزاع الإمبراطوري. إنها ليست مجرد ماسة ضخمة وفريدة من نوعها بل قطعة تراثية تختزل قصة تاريخية معقدة. ومع تصاعد الأصوات في الهند المطالبة باستعادتها يطرح السؤال مجددا هل يمكن للهند أن تستعيد كوهينور
ما هي ماسة كوهينور لمحة عن الأسطورة
كوهينور وتعني جبل النور بالفارسية هي واحدة من أشهر وأقدم الماسات في العالم. يعتقد أن الماسة اكتشفت في مناجم منطقة غولكوندا جنوب الهند قبل أكثر من 800 عام. ويقدر وزنها الأصلي قبل القطع بحوالي 793 قيراطا وقد خضعت لاحقا للقص والتعديل حتى استقرت في شكلها الحالي بوزن يبلغ حوالي 105 6 قيراط.
طوال تاريخها مرت الماسة عبر أيدي سلاطين مغول ومهراجات هنود وغزاة أفغان إلى أن انتهى بها المطاف في التاج البريطاني حيث توجت ملكات إنجلترا المتعاقبات.
كيف وصلت كوهينور إلى بريطانيا
وصلت كوهينور إلى يد التاج البريطاني عام 1849 بعد ضم ولاية البنجاب إلى الإمبراطورية البريطانية. وبحسب الروايات التاريخية أجبر المهراجا الطفل دليب سينغ على إهداء الماسة إلى الملكة فيكتوريا ضمن شروط معاهدة لاهور وهو ما تعتبره الهند اليوم سړقة واضحة تحت وطأة الاحتلال.
وبعد نقلها إلى لندن أصبحت الماسة قطعة مركزية في مجوهرات التاج البريطاني وتم تثبيتها لاحقا في تاج الملكة ماري ثم في تاج الملكة إليزابيث الأم حيث لا تزال معروضة حتى اليوم في برج لندن.
لماذا تطالب الهند باستعادتها
منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1947 طالبت الهند مرارا بإعادة كوهينور باعتبارها تراثا وطنيا. ترى الحكومة الهندية والعديد من المؤرخين أن نقل الماسة إلى بريطانيا لم يكن طوعيا بل تم تحت ظروف استعمارية جائرة وبالتالي فإن وجودها ضمن مجوهرات التاج البريطاني يمثل رمزا مؤلما للنهب الإمبراطوري.
عززت هذه المطالبات مشاعر الفخر القومي واعتبر كثيرون استعادة كوهينور خطوة رمزية في مسار تصحيح مظالم الحقبة الاستعمارية.
الموقف البريطاني ملكية قانونية أم إرث استعماري
تصر الحكومة البريطانية منذ عقود على أن كوهينور نقلت قانونيا مشيرة إلى معاهدة لاهور كمصدر مشروع للملكية. إلا أن هذا التبرير لا يصمد أمام النقد التاريخي والحقوقي حيث أن دليب سينغ كان طفلا في سن العاشرة وليس في وضع يؤهله لاتخاذ قرار مصيري بشأن ملكية تراث هندي.
وفي ظل تزايد الضغوط العالمية على المتاحف والمؤسسات الغربية لإعادة الآثار والممتلكات الثقافية المسروقة بدأت تتعالى الأصوات في بريطانيا نفسها لإعادة التفكير في إرثها الإمبريالي.
كوهينور وطقوس التتويج هل يتغير شيء بعد تشارلز الثالث
مع تتويج الملك تشارلز الثالث ثار الجدل من جديد حول مصير ماسة كوهينور حيث كانت التوقعات تشير إلى استخدامها مجددا في التاج. لكن قصر باكنغهام أعلن لاحقا أن التاج المستخدم في التتويج لن يضم كوهينور تجنبا لحساسيات سياسية وهو ما اعتبر بمثابة انتصار رمزي للهند وإن لم يكن استردادا فعليا.
هل استعادت دول أخرى كنوزها
الهند ليست الدولة الوحيدة التي تطالب بإعادة كنوزها المنهوبة. ففي السنوات الأخيرة نجحت دول مثل نيجيريا ومصر واليونان في استعادة قطع أثرية كانت محتجزة في متاحف أوروبا. بل إن بعضها وقع اتفاقيات رسمية تفرض إعادة القطع الثقافية دون اللجوء إلى القضاء.
هذا الزخم المتصاعد يعطي الأمل للهند في أن تعود كوهينور إلى موطنها الأصلي يوما ما.
هل هناك احتمال فعلي لإعادة كوهينور
رغم قوة المطالبات الهندية فإن احتمالية استرداد كوهينور تظل محدودة في المدى القريب. الأسباب متعددة
التعقيد القانوني لا توجد سوابق قانونية ملزمة لإعادة المجوهرات الملكية.
الرفض البريطاني المستمر بريطانيا لم تبد استعدادا فعليا للتنازل عن كوهينور.
الخلافات الدولية هناك دول أخرى مثل باكستان وأفغانستان تدعي ملكية تاريخية للماسة ما يعقد المسألة أكثر.
لكن مع تصاعد الوعي العالمي بأهمية العدالة التاريخية والثقافية فإن الضغط العام المحلي والدولي قد يغير موازين القوى في المستقبل.
كوهينور أكثر من مجرد حجر
مهما اختلفت وجهات النظر حول ملكية كوهينور تظل الحقيقة الأهم أن الماسة تحولت من حجر كريم إلى رمز متعدد الأوجه. فهي تمثل للهنود الإرث المسلوب وللبريطانيين جزءا من التقاليد الملكية وللعالم شهادة صامتة على عصور من الغزو والهيمنة.
خاتمة هل تلمع كوهينور في سماء
الهند من جديد
تظل كوهينور رغم صمتها كحجر محورا لصراع مستمر بين الماضي والحاضر. وبينما يتغير العالم ويتسارع وعيه بالعدالة التاريخية يبقى السؤال مطروحا هل ستتألق كوهينور يوما ما على أرض الهند لا في خزائن بريطانيا ربما لا يكون الجواب اليوم لكن المستقبل قد يحمل مفاجآت غير متوقعة