الميكرب ررتيست الجزائرية رانيا ترسم المشاعر على وجهها

في عالم تغمره الصور المتكررة والتقليدية على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر بعض الشخصيات التي تكسر القاعدة وتقدم محتوى فنيًا يعكس عمقًا إنسانيًا وجمالًا فريدًا. من بين هذه الشخصيات، تبرز رانيا، فنانة المكياج الجزائرية التي لا تكتفي بتطبيق مساحيق التجميل، بل تحوّل وجهها إلى منصة للتعبير العاطفي والفني، ترسم عليه مشاعر الإنسان بحرفية نادرة ولمسة إبداعية استثنائية.
رانيا لم تعد مجرد ميكب آرتيست، بل أصبحت أيقونة في عالم الفن المرئي على الإنترنت، لأنها قدّمت تعريفًا جديدًا للمكياج؛ ليس كأداة جمالية فقط، بل كشكل فني ينقل إحساسًا حقيقًا، ويترجم المشاعر الصامتة إلى صور حيّة، نابضة بالحياة.
من هي رانيا؟
رانيا هي شابة جزائرية بدأت رحلتها في عالم المكياج بأسلوب مختلف عن السائد. بدلاً من التركيز فقط على تحسين الملامح أو تقليد الترندات، قررت أن تستخدم أدوات المكياج كلغة جديدة ترسم بها المشاعر. لا تعتمد رانيا على الجماليات فقط، بل على تعبيرات الوجه، واللون، والضوء والظل، لتُخرج قطعة فنية فريدة على وجهها في كل مرة.
وما يميزها فعلًا هو قدرتها على تجسيد مشاعر مثل الحزن، الڠضب، الدهشة، الړعب، الحب، والانكسار من خلال المكياج، وكأنها ناطقة باسم ملايين الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التعبير عما يشعرون به.
وجهها... قماشتها الأولى
رانيا تنظر إلى وجهها ليس كمساحة تجميلية، بل كـ "قماشة بيضاء" ترسم عليها قصصًا متكاملة. في فيديوهاتها، يمكن أن ترى عينيها تعكسان الحزن، بينما يتحوّل خط الكحل إلى دمعة متجمدة، وظلال العيون إلى غروب مؤلم، أو أمل قادم. هذا الأسلوب التعبيري الذي يتخطى المكياج العادي جعل منها مصدر إلهام لفنانين ومتابعين من مختلف الدول.
ولا تكتفي رانيا بتصميم "لوك" جمالي، بل ترفقه غالبًا برسالة إنسانية أو تعليق بصري قوي، ما يجعل كل عمل لها بمثابة تجربة شعورية كاملة.
كل إحساس له أسلوبه
الفن الحقيقي هو ذلك الذي يلامس مشاعرك، وهذا بالضبط ما تفعله رانيا. كل فيديو أو صورة تنشرها على منصاتها يكون مفعمًا بتفاصيل دقيقة تترجم إحساسًا معينًا. فمثلاً:
في لحظات الحزن: تستخدم درجات الأزرق الرمادي مع تسريحات فوضوية لتعكس الانكسار الداخلي.
عند تصوير الڠضب: تلجأ إلى الأحمر القوي مع خطوط حادة تعكس التوتر والاشتباك.
في لحظات الأمل: تضيء وجهها بتدرجات ذهبية وألوان ناعمة توحي بالسلام والسکينة.
هذه التقنيات ليست عشوائية، بل مدروسة بعناية، وتعتمد على أسس علم نفس الألوان، وكيف تؤثر في اللاوعي البشري.
رحلة الإبداع لا تبدأ بالكاميرا
من يشاهد فيديوهات رانيا يظن أن كل شيء تم بسلاسة، لكن الحقيقة أعمق من ذلك. عمل رانيا يتطلب:
تحضير طويل المدى للفكرة: فهي تختار كل مرة إحساسًا مختلفًا تريد التعبير عنه.
اختيار ألوان مناسبة ومعبرة: الألوان ليست فقط لملء المساحة، بل تحكي القصة.
تجريب عدة مرات قبل التصوير: فبعض التصاميم تأخذ ساعات طويلة من التكرار والضبط.
تصوير احترافي بزاوية تُبرِز العمل الفني: لأنها تعتبر أن زوايا الإضاءة جزء لا يتجزأ من الرسالة.
كل هذه الخطوات تجعل من عملها لوحة متكاملة تجمع بين الفن، التقنية، والمحتوى العاطفي العميق.
لماذا يحبها الجمهور؟
رانيا لا تعتمد فقط على الموهبة، بل على الصدق. الجمهور يتفاعل معها لأنهم يشعرون أنها "تحس" مثلهم. وجهها يصبح مرآة لمشاعرهم المدفونة، ويجدون في فيديوهاتها عزاءً أو تأكيدًا بأنهم ليسوا وحدهم. في عالم يسير نحو الابتذال أحيانًا في المحتوى، تبرز رانيا كمثال على كيف يمكن للفن أن يكون وسيلة للتواصل العاطفي الصادق، وليس فقط للترفيه.
من المكياج إلى الرسالة الإنسانية
في العديد من فيديوهاتها، لم تكتفِ رانيا بالمكياج فقط، بل استخدمت منصتها للتوعية، مثل الحديث عن القضايا النفسية، أو التنمر، أو تأثير الاكتئاب، وحتى تمكين المرأة. فتارة تدمج دموعًا صناعية ضمن مكياجها لتجسد ألم الصمت، وتارة تظهر نصف وجهها مضاءً والنصف الآخر في الظل، كأنها تقول: "هكذا نعيش... نصفنا ضوء ونصفنا معاناة."
مكياج المشاعر: ترند عالمي بصبغة جزائرية
أعمال رانيا لم تعد محصورة في الجمهور الجزائري فقط، بل وصلت إلى متابعين من مختلف الدول العربية والغربية. وقد بدأ عدد من فناني المكياج حول العالم بتقليد أو استلهام أفكار من أعمالها، ما وضع الجزائر في خريطة جديدة تمامًا في مجال المكياج التعبيري.
رانيا تمثل جيلًا جديدًا من الفنانين، لا يكتفي بالتجميل، بل يسعى لترك أثرٍ إنساني عبر العدسة.
الختام: الفن عندما يُلمس من الداخل
النجاح الحقيقي لا يُقاس بعدد المتابعين أو عدد الإعجابات، بل بعمق الأثر الذي يتركه الفنان في نفوس الناس. رانيا تمكّنت من خلق لغة جديدة، حيث تتحدث المشاعر دون كلمات، وتنبض القصص من تحت طبقات المكياج. هي فنانة الوجه، وحارسة الأحاسيس، وصوت الصامتين.
ومن خلال كل لوك جديد، تكتب رانيا قصة، وتدعو جمهورها لقراءتها... لا بالعين، بل بالقلب.