تطور ناطحات السحاب والأرقام القياسية في الارتفاع

موقع أيام تريندز

ناطحات السحاب  
في البداية كانت البيوت صغيرة ودودة لها شرفات تنشر عليها الجدات الغسيل و أسرار الحارة. ثم فجأة و من دون مقدمات ظهر مبنى من 10 طوابق في شيكاغو عام 1885 و قال للجميع أنا أطول منكم... و بفارق كبير. اسمه كان مبنى التأمين المنزلي وكان أول من أدخل فكرة الطول مهم. وهكذا بدأت القصة.
ولادة ناطحات السحاب لم تكن مجرد تطور معماري بل كانت صړخة في وجه الجاذبية الأرضية لن تبقينا على الأرض يا نيوتن!. و منذ ذلك اليوم دخلت المدن الكبرى في سباق غير معلن من لديه أطول برج من الأكثر كبرياء من يعاني من عقدة الطول
الفصل الأول نيويورك تدخل الحلبة
في ثلاثينيات القرن الماضي تحولت نيويورك إلى ساحة معركة من طابق إلى آخر. مبنى كرايسلر قال بفخر أنا وصلت 319 متر وأضع على رأسي قمة تشبه القبعة المعدنية. بعده مباشرة جاء مبنى إمباير ستيت و قال أمسك قهوتك أنا 381 متر ولن يصل أحد إلى طولي... لثمانين سنة قادمة.
ناطحات نيويورك وقتها كانت مثل مراهقين في سن المراهقة المتأخرة يتباهون بعضلاتهم الزجاجية و يعقدون صداقاتهم في الصالات الكبيرة و يرتدون البدل الرسمية من الفولاذ.
الفصل الثاني آسيا تستيقظ
عندما نام الغرب على أمجاده الخرسانية كانت آسيا تفتح عينيها وتصقل ناطحاتها مثل سيوف الساموراي. و أنا آسيوي لكن فرحته لم تدم طويلا إذ جاء من الشرق الأوسط من يقول انتظر... لدي شيء أطول أكثر بريقا وأغلى كهرباء.
الفصل الثالث دخول برج خليفة ملك الدراما
في عام 2010 بزغ برج خليفة في سماء دبي وقف شامخا بارتفاع 828 مترا و هو لا يهمس بل ېصرخ أنا الأعلى حرفيا و معنويا. في داخله مكاتب فنادق شقق و ربما بطاطا مقلية في الطابق 148 لا أحد متأكد تماما.
يقال إن برج خليفة لا يرى الظل لأنه هو من يلقيه على الجميع. صار حديث العواصم و مصدر غيرة مزمن لبقية الأبراج.
الفصل الرابع البرج السعودي الذي قرر كسر اللعبة
ثم ظهر مشروع برج جدة الذي قال سأكون أطول من برج خليفة و سأتجاوز الكيلومتر لأبرهن أن الكرامة المعمارية لا حدود لها. لكن للأسف لا تزال أعمال البناء متقطعة و هو مثل مراهق واعد لم يكمل الثانوية.
لكن الفكرة بقيت لا أحد راض بطوله. الكل يريد أن يكون أطول من الكل. و كأن العالم كله يشترك في أزمة منتصف العمر المعمارية.
الفصل الخامس ناطحات بأمراض جديدة
في القرن الواحد و العشرين بدأت ناطحات السحاب تعاني من أمراض نفسية متطورة بعضها مصاپ بانفصام الشخصية مبنى مكاتب بالنهار جنون ليلا و بعضها يعاني من وسواس النظافة البيئية ناطحات تزرع الخضروات على السطح و تشرب مياه الأمطار.
بل إن هناك ناطحات تقول أنا مصنوع من الخشب! كما فعل برج في النرويج. نعم ناطحة خشبية. لا أحد يعرف إن كانت معمارية أم معدة فنية لمعرض بيئي.
الفصل السادس السماء لم تعد كافية
ناطحات السحاب الآن بدأت تفكر فيما بعد السحاب. شركات صينية تدرس بناء ناطحات فضائية تربط بالمريخ. سمعنا عن برج Sky Mile المقترح في طوكيو بارتفاع 1600 متر. و كأنهم يقولون إذا لم نستطع ترك الأرض دعونا نمد العمارة حتى تغازل الفضاء.
سؤال وجودي إلى أين
هل ستتوقف ناطحات السحاب يوما عن النمو و هل الأرض المسكينة تتحمل المزيد من هذه الأعمدة المتغطرسة
أحد النقاد كتب ناطحات السحاب هي أبراج بيزا بلا انحناء لكنها كلها مائلة نفسيا نحو السماء. فكر في الأمر كل ناطحة سحاب هي احتجاج صامت ضد الجاذبية و نوع من النرجسية العمودية.
النهاية عندما تتكلم الأبراج
تخيل لو أن ناطحات السحاب تتحدث فيما بينها ليلا
برج خليفة أنا الأعلى. و أنتم مجرد نوافذ طموحة.
برج إمباير ستيت أنا الأيقونة. الأعلى ليس كل شيء يا عزيزي.
تايبيه 101 أنا الأخضر البيئي. لا تستهينوا بالخيزران.
برج جدة يتثاءب سأنتهي قريبا... انتظروني.
في النهاية ناطحات السحاب هي أكثر من مجرد مبان. إنها دراما بشړية صامتة مترجمة إلى زجاج وحديد. إنها طموحنا عندما نقرر أن الطول... يعوض كل شيء.