يامال يتفوق على أساطير كرة القدم ويخسر أمام لاعب واحد

موقع أيام تريندز

يامال يتفوق على أساطير كرة القدم ويخسر أمام لاعب واحد: موهبة تُرعب الكبار وتخشى الصغار

عندما يُذكر اسم لامين يامال في دوائر كرة القدم العالمية، يقف الجميع احترامًا لهذه الموهبة الفذّة، رغم أن عمره لم يتجاوز السابعة عشرة. طفلٌ صغير في عمره، عملاق في أدائه، يقفز فوق حواجز الزمن، ويتفوّق على أساطير الكرة الذين احتاجوا سنوات للوصول إلى ما وصل إليه في شهور معدودة.

لكن المفارقة الكبرى التي تحوّلت إلى حديث الجماهير، هي أن هذا النجم الصاعد، الذي يُقارن بليو ميسي وكريستيانو رونالدو، وجد نفسه "خاسرًا" أمام لاعب واحد فقط. فمن هو هذا اللاعب؟ وما القصة الكاملة وراء هذه المقارنة الغريبة والعنوان المثير للدهشة؟

يامال.. الطفل الذي اقتحم الكبار

في برشلونة، لم يكن أحد يتوقع أن يكون موسم 2023/2024 بداية لتغيّر قواعد اللعبة. فوسط أسماء لامعة كليفاندوفسكي، وجواو فيليكس، وجافي، جاء طفل صغير بملامح إفريقية وابتسامة خجولة، ليخطف الأضواء كلها.

بدأ لامين يامال مشواره في الفريق الأول لبرشلونة بعمر 15 عامًا فقط، وظهر لأول مرة في الليغا وهو في الـ16 من عمره، ليصبح أصغر لاعب يشارك مع الفريق الكتالوني منذ أكثر من قرن. لم يمرّ أسبوع دون أن يُحدث ضجة: هدف خرافي، تمريرة حاسمة، مراوغة تسحر العيون، أو أداء يُقارن بكبار اللعبة.

سرعان ما دخل يامال في مقارنات مباشرة مع أساطير مثل ميسي، نيمار، وحتى الظاهرة رونالدو، من حيث التأثير في سن مبكرة، والقدرة على صناعة الفارق في المباريات الكبيرة. وما لبثت الإحصائيات أن تعززت لمصلحته، إذ أصبح:

أصغر لاعب يسجل هدفًا في تاريخ منتخب إسبانيا.

أصغر من يصنع هدفًا في الكلاسيكو.

أصغر لاعب يشارك أساسيًا في دوري أبطال أوروبا في نسخة 2024.

لاعب واحد فقط يتفوّق عليه.. وبفارق صغير

ورغم هذه الإنجازات، تفاجأ الجمهور بتقارير وإحصائيات أشارت إلى أن يامال خسر رقمًا تاريخيًا أمام لاعب واحد فقط: إيثان مبابي، شقيق كيليان مبابي، الذي ظهر لأول مرة مع باريس سان جيرمان بعمر 15 عامًا و10 أشهر.

إيثان، الذي يلعب كوسط ميدان، سجل مشاركته الأولى مع الفريق الباريسي قبل يامال بشهور قليلة، ليصبح رسميًا أصغر لاعب في تاريخ "بي إس جي" يشارك في الدوري الفرنسي. وعلى الورق، يتفوّق عليه في هذا الرقم.

لكن هنا يُطرح السؤال: هل التفوّق في الأرقام العمرية أهم من التأثير الكروي؟ وهل مجرد نزول إيثان إلى الملعب يُقارن بما فعله يامال في الليغا ودوري الأبطال؟

التأثير الحقيقي.. حيث لا تصل الأرقام

ما فعله يامال لا يُقاس بعمر أو رقم قياسي. فقد فرض نفسه على تشكيلة برشلونة الأساسية، وبدأ يغيّر مسار المباريات الكبرى، آخرها أمام نابولي في دوري الأبطال، وأمام ريال مدريد في الكلاسيكو، حيث قدّم أداءً أحرج دفاعات بحجم روديغر وكارفاخال.

أما إيثان مبابي، فرغم موهبته الواعدة، لا يزال بعيدًا عن التأثير المباشر في نتائج الفريق، ويُنظر إليه حتى الآن على أنه "مشروع نجم"، لا "نجم قائم".

المقارنة التي تخطئ العنوان

من واقع تجربتي في تغطية مسيرة العشرات من اللاعبين الشباب، يمكنني القول إن المقارنات السطحية كثيرًا ما تظلم المواهب الحقيقية. فما بين إيثان ويامال مسافة لا تُقاس بالأشهر أو المباريات فقط، بل بحجم التأثير، النضج التكتيكي، والقدرة على الاستمرارية.

يامال، بعكس كثيرين، لا يعتمد على السرعة فقط، بل يمتلك رؤية ميدانية، وذكاء كروي، ونضج نفسي لا يتوفر لكثير من اللاعبين حتى في منتصف العشرينات. وهذا ما جعله يحظى بثقة المدرب تشافي، واهتمام الأندية الكبرى، وحتى عناوين الصحف التي قلّما تُنصف من هم في مثل عمره.

كرة القدم تعيد تعريف النجومية

إذا كان ميسي قد احتاج إلى موسم كامل مع ريكارد ليُثبت نفسه، ورونالدو قضى سنوات في مانشستر يطور نفسه، فإن يامال اختصر المسافة وأشعل المقارنة مبكرًا. نحن أمام جيل جديد لا ينتظر، لا يتدرّب في الظل، بل يقتحم الساحة بثقة وموهبة لا تشبه ما سبق.

وهذا لا يعني نهاية الأساطير، لكنه بداية لحقبة جديدة سيكون فيها يامال، لا مجرد نجم، بل رمز لمرحلة من التغيير في بنية اللعبة: من حيث سرعة بروز الموهبة، ومقدار الثقة التي يمنحها له الجهاز الفني، وتقبّل الجماهير لفكرة أن البطل يمكن أن يكون في عمر الطالب الثانوي.

كلمة أخيرة

نعم، قد "يخسر" يامال رقمًا تاريخيًا لصالح إيثان مبابي، لكنه كسب ما هو أهم: ثقة الجماهير، وخوف المدافعين، واحترام الصحافة، وتأثير لا يقبل الجدل.

في ميزان كرة القدم الحقيقي، لا يُقاس اللاعب بعدد السنوات، بل بعدد اللحظات التي غيّر فيها مجرى المباريات. ويامال، في هذا المعيار، سبق عمره بسنوات.. وربما بعقود.