الجمعة 23 مايو 2025

الدراما السورية تعود بقوة بمسلسل أبناء الغربة الجزء الثاني

موقع أيام تريندز

الدراما السورية تعود بقوة بمسلسل "أبناء الغربة" الجزء الثاني

في السنوات الأخيرة، شهدت الدراما السورية تراجعًا ملحوظًا على مستوى الإنتاج والتأثير الإقليمي، لأسباب عديدة منها الأزمة السياسية والاقتصادية، وهجرة أبرز الفنانين والمخرجين إلى خارج البلاد. إلا أن عام 2025 حمل بشرى سعيدة لعشاق هذا الفن، إذ عادت الدراما السورية لتفرض نفسها بقوة على الساحة العربية من خلال عمل درامي انتظره الجمهور طويلًا: الجزء الثاني من مسلسل "أبناء الغربة".

عودة بعد أكثر من 15 عامًا

"أبناء الغربة" الذي عرض جزءه الأول في عام 2010، كان واحدًا من أبرز المسلسلات التي ناقشت قضايا التهجير، والاغتراب، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع السوري. تميز العمل حينها بواقعيته، وأداء نخبة من نجوم الدراما، ونصه العميق الذي كتبه السيناريست المعروف حسام الشامي، بالتعاون مع المخرج القدير باسل الخطيب.

اليوم، بعد أكثر من 15 عامًا، يعود المسلسل بجزء ثانٍ طال انتظاره، تحت عنوان فرعي: "العودة إلى الجذور"، مستكملًا قصة الجيل الثاني من الشخصيات التي عرفناها في الجزء الأول، مستعرضًا تطور الصراعات العائلية، وتحديات الشباب الذين نشأوا في بلاد الغربة ويعودون الآن إلى وطنٍ تغير كثيرًا.

نص ناضج يعكس التحولات الراهنة

كتب الجزء الثاني الكاتب حسام الشامي نفسه، ولكن بأسلوب أكثر نضجًا وحكمة. يستعرض النص قضايا جديدة تمس المجتمع السوري في الداخل والخارج: مثل الهوية المزدوجة، الفجوة بين الأجيال، معاناة العائدين إلى الوطن، ومشكلة إعادة الاندماج.

يركز المسلسل على شخصية آدم، ابن "أبو سامر" الذي ترك سوريا في طفولته وعاد الآن بعد ۏفاة والده ليكتشف ماضٍ غامض تركه والده خلفه. يدخل آدم في صراعات عائلية لا تخلو من التشويق السياسي والاجتماعي، ويبدأ رحلة في البحث عن "الانتماء"، لا لبلد فقط، بل لعائلة، وتاريخ، وقيم.

أداء استثنائي وعودة نجوم كبار

استقطب المسلسل عددًا كبيرًا من نجوم الدراما السورية، الذين طالما أحبهم الجمهور العربي، أبرزهم:

بسام كوسا في دور "الخال جابر"، الشخصية المحورية الصلبة.

سلاف فواخرجي التي تلعب دور "ليلى"، الأم الممزقة بين حب الوطن وحياة الخارج.

محمود نصر في دور آدم، بطل الجزء الثاني، الذي قدّم أداءً مميزًا جسد من خلاله التناقضات النفسية والمعاناة الداخلية لشاب نشأ في بيئة غريبة ويعود إلى وطن لم يعرفه إلا من الصور والقصص.

كما شارك في العمل وجوه شابة جديدة أعطت روحًا عصرية للمسلسل، ووفرت توازنًا بين جيل الرواد وجيل المستقبل.

إنتاج ضخم وتصوير واقعي

رغم التحديات الاقتصادية، جاء إنتاج المسلسل عالي الجودة، بتقنيات تصوير حديثة، وتم تصويره بين دمشق، حلب، وريف اللاذقية، لتقديم صورة حقيقية عن سوريا اليوم. اعتمد المخرج على التصوير في أماكن حقيقية مهجورة ومعاد ترميمها، ما أضفى صدقًا بصريًا قويًا يعزز من واقعية المشاهد.

الموسيقى التصويرية أيضًا نالت استحسان الجمهور، وقد تولى تأليفها الفنان طاهر مكيّة، الذي جمع بين أنغام شرقية حزينة وإيقاعات أوروبية حديثة، تعكس الازدواجية التي يعيشها أبطال العمل.

نجاح نقدي وجماهيري واسع

منذ عرض أولى حلقاته، حاز الجزء الثاني من "أبناء الغربة" على إشادة واسعة من النقاد والجمهور. تميّز بقوة النص، وعمق الأداء، وواقعية الطرح، مما جعله من أبرز أعمال الموسم الرمضاني لعام 2025.

على مواقع التواصل الاجتماعي، تصدر وسم #أبناء_الغربة2 الترند في أكثر من دولة عربية، وتداول المتابعون مشاهد مؤثرة من المسلسل، خاصة مشهد لقاء "آدم" بجده المړيض الذي لم يره من قبل، والذي جمع بين الحزن والأمل في آن واحد.

الدراما السورية تستعيد مكانتها

يمكن القول إن "أبناء الغربة 2" ليس مجرد مسلسل ناجح، بل هو إعلان عودة حقيقية للدراما السورية إلى مكانتها الريادية، بعد سنوات من الغياب القسري. فهو يُثبت أن لدى سوريا القدرة على إنتاج أعمال درامية متكاملة من حيث النص، الإخراج، التمثيل، والإنتاج، وأن الفن السوري لا يزال قادرًا على المنافسة بقوة في العالم العربي.

ختامًا

"أبناء الغربة 2" ليس فقط مسلسلًا دراميًا، بل هو مرآة اجتماعية تعكس جراح الغربة وأحلام العودة. هو رسالة لكل سوري مغترب ولكل عربي عاش تجربة التهجير، بأن الانتماء ليس جغرافيا فقط، بل أيضًا حب، وذاكرة، وتاريخ. ومع هذا العمل، يتجدد الأمل بأن تعود الدراما السورية لما كانت عليه: مرآة صادقة للمجتمع، ونافذة مفتوحة على الۏجع والجمال في آن واحد.