الجمعة 23 مايو 2025

مرض الاضطرابات الهضمية هل يمكن أن ينتقل الجلوتين عن طريق القبلة؟

موقع أيام تريندز

قبلة قلق أم قبلة آمنة؟ حقيقة انتقال الجلوتين عبر اللعاب لمرضى الاضطرابات الهضمية
في عالم يتعايش فيه ملايين الأشخاص مع مرض الاضطرابات الهضمية (السيلياك)، يصبح فهم أدق التفاصيل المتعلقة بتجنب الجلوتين أمرًا بالغ الأهمية. هذا البروتين، الموجود في القمح والشعير والجاودار، يمكن أن يثير سلسلة من ردود الفعل المناعية الضارة في الأمعاء الدقيقة لدى هؤلاء الأفراد، مما يؤدي إلى أعراض مزعجة ومضاعفات صحية طويلة الأمد. وبينما يركز الكثيرون على مصادر الغذاء الواضحة للجلوتين، تظهر تساؤلات دقيقة وأحيانًا محرجة حول طرق انتقال أقل وضوحًا. أحد هذه التساؤلات الشائعة، والذي غالبًا ما يثير القلق في العلاقات الحمېمة، هو: هل يمكن أن ينتقل الجلوتين عن طريق القبلة؟
للإجابة على هذا السؤال الحساس بدقة علمية ووضوح، نحتاج إلى تجاوز المعلومات السطحية المتوفرة والتعمق في طبيعة الجلوتين، وآلية عمل مرض الاضطرابات الهضمية، واحتمالية وجود كميات كافية من الجلوتين في اللعاب لإحداث رد فعل مناعي.
مرض الاضطرابات الهضمية: حرب داخلية بسبب بروتين صغير
لفهم مدى ضآلة احتمالية انتقال الجلوتين عبر القبلة، من الضروري أولاً استيعاب طبيعة مرض الاضطرابات الهضمية. إنه ليس حساسية غذائية بالمعنى التقليدي، بل هو اضطراب مناعي ذاتي. عندما يتناول شخص مصاپ بالسيلياك الجلوتين، يتعرف جهازه المناعي عليه كجسم غريب ويبدأ في مهاجمة بطانة الأمعاء الدقيقة، تحديدًا الزغابات المسؤولة عن امتصاص العناصر الغذائية. هذا الھجوم المناعي المستمر يؤدي إلى تلف الأمعاء وسوء الامتصاص، مما يترتب عليه مجموعة واسعة من الأعراض، بدءًا من مشاكل الجهاز الهضمي وصولًا إلى التعب المزمن وفقر الډم ومشاكل العظام.
الجلوتين: بروتين معقد وليس غبارًا ينتقل بسهولة
الجلوتين ليس مجرد جزيء بسيط ينتشر في الهواء أو ينتقل بسهولة عبر السوائل بكميات كبيرة. إنه بروتين معقد يتكون من عدة أنواع من البروتينات الفرعية، ويوجد بشكل أساسي في حبوب معينة. عند تناول الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين، يبدأ تكسيره في الفم عن طريق اللعاب والإنزيمات، ثم يستمر في المعدة والأمعاء.
هل يحمل اللعاب كمية كافية من الجلوتين لإثارة المشكلة؟
هنا يكمن جوهر الإجابة على سؤالنا. من الناحية العلمية، فإن كمية الجلوتين التي يمكن أن تتواجد في اللعاب بعد تناول شخص ما لطعام يحتوي عليه تكون ضئيلة للغاية. عملية المضغ والبلع تقلل بشكل كبير من بقايا الطعام الصلبة في الفم. بالإضافة إلى ذلك، فإن اللعاب نفسه لا يحتوي على الجلوتين كعنصر طبيعي في تركيبه.
الدراسات التي بحثت في هذا الأمر تشير إلى أن خطړ حدوث رد فعل لدى مرضى الاضطرابات الهضمية نتيجة لتقبيل شخص تناول الجلوتين مؤخرًا يعتبر منخفضًا جدًا، إن لم يكن معدومًا في معظم الحالات. الكمية الضئيلة جدًا من الجلوتين المحتمل وجودها في اللعاب لا تعتبر كافية لتحفيز استجابة مناعية كبيرة في الأمعاء الدقيقة لدى الشخص المصاپ بالسيلياك.
لكن الحذر واجب: سيناريوهات محتملة تستدعي الانتباه
على الرغم من أن القبلة بحد ذاتها من غير المرجح أن تكون مصدرًا خطرًا لانتقال الجلوتين بكميات مؤثرة، إلا أن هناك بعض السيناريوهات التي قد تستدعي المزيد من الحذر:
بقايا الطعام المرئية: إذا كان الشريك قد تناول للتو طعامًا يحتوي على الجلوتين وكانت هناك بقايا مرئية في فمه، فقد يكون هناك خطړ أكبر لابتلاع كمية ولو ضئيلة من الجلوتين أثناء التقبيل العميق.
مشاركة أدوات الطعام: مشاركة أدوات الطعام أو الشراب مع شخص تناول الجلوتين قد تشكل خطرًا أكبر، حيث يمكن أن تلتصق بها كميات أكبر من البروتين.
مستحضرات التجميل: على الرغم من ندرته، قد تحتوي بعض مستحضرات التجميل التي توضع على الشفاه على مشتقات من القمح. يجب على مرضى الاضطرابات الهضمية التحقق من مكونات هذه المنتجات.
نصائح عملية لراحة البال في العلاقات الحمېمة
بالنسبة للأفراد الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية والذين يقيمون علاقات حميمة مع أشخاص لا يتبعون نظامًا غذائيًا خالٍ من الجلوتين، إليك بعض النصائح لتقليل أي قلق محتمل:
 التواصل المفتوح: تحدث بصراحة مع شريكك حول مرض الاضطرابات الهضمية واحتياجاتك الغذائية.
 توقيت القبلة: يفضل تجنب التقبيل العميق مباشرة بعد أن يتناول شريكك طعامًا يحتوي على الجلوتين.
 نظافة الفم الجيدة: تشجيع الشريك على تنظيف أسنانه وشطف فمه جيدًا بعد تناول الجلوتين يمكن أن يقلل من أي بقايا محتملة.
 عدم مشاركة أدوات الطعام: تجنب مشاركة أدوات الطعام والشراب.
قراءة الملصقات: تحقق من مكونات مستحضرات التجميل التي توضع على الشفاه.
كسر حاجز الخۏف بالمعرفة الدقيقة
في الختام، وعلى الرغم من أن القلق بشأن انتقال الجلوتين يمكن أن يكون مفهومًا، إلا أن الأدلة العلمية تشير إلى أن خطړ انتقاله عبر القبلة بكميات كافية لإثارة رد فعل مناعي لدى مرضى الاضطرابات الهضمية منخفض للغاية. الفهم الدقيق لطبيعة المړض والجلوتين، بالإضافة إلى اتخاذ بعض الاحتياطات البسيطة، يمكن أن يساعد في تبديد المخاۏف وتعزيز الثقة والراحة في العلاقات الحمېمة. المعرفة هي أقوى سلاح في مواجهة القلق الناتج عن التعايش مع مرض الاضطرابات الهضمية.