ۏفاة الفنان الكويتي رامي العبدالله

موقع أيام تريندز

في مساءٍ حزين من أيام شهر مايو، خيّم الأسى على الساحة الفنية الكويتية والخليجية بعد الإعلان عن ۏفاة الفنان الكويتي رامي العبدالله، عن عمر يناهز 52 عامًا، بعد صراع مرير مع مرض السړطان امتد لسنوات. ومع أن المۏت حقٌ لا مفرّ منه، إلا أن رحيل أصحاب القلوب النقية دائمًا ما يترك فراغًا يصعب ملؤه، وجرحًا في ذاكرة الفن لا يُشفى بسهولة.

فنان بصمتِه لا بصوته...

رامي العبدالله لم يكن من أولئك الذين يسعون خلف الكاميرات أو يلاحقون العناوين، بل كان من النوع الهادئ الذي يترك أثره من خلال الأداء الصادق والحضور البسيط الذي يدخل القلوب دون استئذان. دخل الساحة الفنية في تسعينيات القرن الماضي، وشارك في عدد من المسلسلات والأعمال الدرامية التي لم تكن مجرد تمثيل، بل رسائل إنسانية مغلّفة بأداء متقن.

من أبرز محطاته الفنية كانت مشاركته في مسلسلات "غريب الدار" و**"عبرات وحنين"**، وكذلك في "عمود البيت" الذي لاقى قبولًا واسعًا لدى الجمهور، فضلًا عن تجربته السينمائية في فيلم "المخيم"، حيث جسّد شخصية قريبة من واقع المجتمع، بأسلوب جعل المشاهد يرى في أدائه مرآة لحياته اليومية.

رحلة ألم وصبر وصمت

في عام 2022، فاجأ العبدالله جمهوره بإعلان إصابته بمرض السړطان، بعد أن تم اكتشاف ورم في منطقة الحوض. ومنذ ذلك الوقت، دخل في رحلة علاج طويلة شاقة، تنقّل فيها بين المستشفيات داخل الكويت وخارجها. لكنه، رغم الألم، لم يكن يومًا شخصًا يشكو أو يطلب شفقة. كان دائمًا صابرًا، متوكلًا على الله، مكتفيًا بطلب الدعاء من محبيه، بعيدًا عن استعراض الضعف أو تصدّر المشهد الإعلامي.

وكان من اللافت في تلك الفترة هو دعمه المتبادل مع جمهوره؛ إذ ظلّت الرسائل تتوالى عليه من كل أنحاء الخليج، تفيض بالحب والدعاء، بينما هو يُقابل ذلك بالشكر والامتنان، كما اعتاد أن يفعل دائمًا في حياته ومسيرته.

وداع المحبين ورسائل الرفاق

عقب إعلان خبر ۏفاته، عمّ الحزن مواقع التواصل الاجتماعي، ونعاه عدد كبير من الفنانين والإعلاميين، معتبرين أن فقدانه خسارة لا تعوّض للفن الكويتي الأصيل. وكتب البعض أن رامي لم يكن مجرد فنان، بل كان "أخًا قبل أن يكون زميلًا"، وصوتًا مختلفًا في زمن امتلأ بالضجيج.

الفنانة حياة الفهد كتبت في نعيه:
"رحل الصادق الهادئ، الذي كان يمرّ كنسمة، ويترك أثرًا كالعطر. رحمك الله يا رامي."

ما بعد الغياب... أثرٌ لا يزول

ربما لم يكن رامي العبدالله من أولئك الذين يحتلون الشاشات في كل موسم، لكنه كان نجمًا بطريقته الخاصة، نجمًا يعرف كيف يختار أدواره بعناية، ويمنح كل شخصية جزءًا من روحه. هذا النوع من الفنّانين، لا يُقاس عطاؤهم بعدد الأعمال، بل بصدق الأداء ودفء الحضور.

سيرته تمثّل درسًا في التواضع، واحترام الفن، والابتعاد عن الصخب، وهي رسالة يجب أن يتأملها الجيل الجديد من الفنانين.

خاتمة الوداع

برحيل رامي العبدالله، يُطوى فصل هادئ من فصول الفن الكويتي الجميل. فصلٌ كتبه فنان بصبره، وصوّره بأدائه، وختمه برضا وتوكل. ستظلّ ابتسامته الهادئة وصوته المتزن حاضرين في الذاكرة، تمامًا كما تبقى الأغاني الهادئة في القلب طويلًا، بعد أن يتوقف عزفها.

إنا لله وإنا إليه راجعون... رحم الله رامي العبدالله، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.