الجمعة 23 مايو 2025

حفرة دارفازا الغازية المشټعلة منذ 50 عامًا

موقع أيام تريندز

حفرة دارفازا الغازية المشټعلة منذ 50 عامًا: بوابة الچحيم في تركمانستان  
المقدمة  
تُعرف حفرة دارفازا (بوابة الچحيم) بأنها واحدة من أكثر الظواهر الطبيعية إثارةً للدهشة في العالم، حيث تشتعل فيها النيران دون توقف منذ ما يقارب الخمسين عامًا. 

تقع هذه الحفرة في صحراء قره قوم بتركمانستان، وأصبحت وجهةً سياحيةً فريدةً تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. سنستعرض تاريخ الحفرة، وأسباب اشتعالها، وتأثيرها على البيئة والاقتصاد المحلي، بالإضافة إلى التطورات الأخيرة. 
1. الموقع الجغرافي والتسمية  
تقع حفرة دارفازا في قلب صحراء تركمانستان، على بعد حوالي 260 كم شمال العاصمة عشق أباد. تعني كلمة "دارفازا" باللغة التركمانية "البوابة"، مما أضفى عليها لقب "بوابة الچحيم" بسبب المشهد المرعب للنيران التي لا تنطفئ.  
يبلغ قطر الحفرة حوالي 70 مترًا، وعمقها 30 مترًا، وهي جزء من حقل غاز طبيعي غني بالاحتياطيات. المنطقة المحيطة بها قاحلة، وتتميز بمناخ صحراوي قاسٍ، حيث تصل درجات الحرارة في الصيف إلى 50 درجة مئوية.  
2. تاريخ حفرة دارفازا: كيف تشكلت؟  
يعود تاريخ الحفرة إلى عام 1971، عندما كان الجيولوجيون السوفييت يقومون بعمليات حفر استكشافية للغاز الطبيعي في المنطقة. خلال العملية، واجه الفريق مفاجأة غير متوقعة:  
- اڼهيار الأرض: اڼهارت معدات الحفر في تجويف تحت الأرض مليء بالغاز الطبيعي، مما أدى إلى تكوُّن فجوة كبيرة. 
- خطړ الغازات السامة: خشي العلماء من تسرب غاز الميثان وغيره من الغازات الخطړة، مما قد يشكل خطرًا على القرى المجاورة.  
- القرار المشؤوم: قرر الجيولوجيون إشعال الڼار في الحفرة، معتقدين أن الغاز سينفد خلال أيام أو أسابيع، لكن النيران استمرت مشټعلة حتى اليوم.  
3. لماذا لا تنطفئ النيران؟  
منذ ذلك الحين، لم تتوقف النيران عن الاشتعال، ويعود ذلك إلى عدة عوامل:  
أ. احتياطيات الغاز الهائلة  
تحتوي الحفرة على مخزون ضخم من الغاز الطبيعي، خاصة غاز الميثان، الذي يغذي النيران بشكل مستمر. تشير التقديرات إلى أن الاحتياطيات قد تستمر لعقود أخرى.  
ب. عدم وجود جهود جدية لإخمادها  
على الرغم من المحاولات المتفرقة، لم تبذل الحكومة التركمانية جهودًا حثيثة لإطفاء الحفرة بسبب:  
- التكلفة العالية: تتطلب عملية الإطفاء تقنيات باهظة الثمن.  
- الجذب السياحي: أصبحت الحفرة مصدر دخل سياحي مهم.  
- صعوبة الإخماد: بسبب استمرار تسرب الغاز من باطن الأرض.  
ج. الظروف الجيولوجية  
تقع الحفرة في منطقة نشطة جيولوجيًا، حيث توجد تشققات في القشرة الأرضية تسمح بتسرب الغاز باستمرار.  
4. التأثيرات البيئية والمناخية  
رغم جمالها الساحر، فإن حفرة دارفازا لها تأثيرات سلبية على البيئة، منها:  
أ. انبعاثات غاز الميثان  
- الميثان من أقوى غازات الدفيئة، حيث يساهم في الاحتباس الحراري أكثر من ثاني أكسيد الكربون بـ 25 مرة.  
- تشير دراسات إلى أن الحفرة تطلق آلاف الأطنان من الميثان سنويًا.  
ب. تلوث الهواء  
- تؤدي النيران المستمرة إلى انبعاث غازات سامة مثل ثاني أكسيد الكبريت، مما يؤثر على جودة الهواء في المناطق المجاورة.  
ج. تأثيرها على الحياة البرية  
- أدت الحرارة العالية والغازات إلى جعل المنطقة غير صالحة لعيش الكائنات الحية، مما أثر على التنوع البيولوجي في الصحراء.  
5. الأهمية السياحية والاقتصادية  
رغم مخاطرها، أصبحت حفرة دارفازا مقصدًا سياحيًا عالميًا، حيث:  
أ. جذب آلاف السياح سنويًا  
- يزورها أكثر من 50,000 سائح سنويًا، خاصة في فصلي الربيع والخريف.  
- توفر الحكومة مخيمات ومرافق للزوار لمشاهدة الحفرة ليلًا، حيث تكون أكثر إثارة.  
ب. مصدر دخل لتركمانستان  
- تُدر الحفرة ملايين الدولارات سنويًا من خلال السياحة والتصوير الإعلامي.  
- أعلنت الحكومة في 2022 عن خطط لتطوير المنطقة كمنطقة جذب سياحي عالمي.  
ج. ظهورها في الأفلام والوثائقيات  
- ظهرت الحفرة في العديد من الأفلام الوثائقية، مثل "National Geographic" و"BBC Earth".  
- ألهمت العديد من القصص الخيالية بسبب طبيعتها الغريبة.  
6. محاولات الإطفاء والتطورات 
على مر السنين، جرت محاولات عديدة للسيطرة على الحفرة أو إطفائها، منها:  
أ. جهود الرئيس التركماني  
- في 2010، زار الرئيس قربانقلي بردي محمدوف الموقع وأمر ببحث سبل إغلاقها، لكن المشروع توقف بسبب التكاليف.  
- في 2020، أعلن عن نية الحكومة لإطفائها لحماية البيئة، لكن لم يتم تنفيذ أي إجراءات فعلية.  
ب. اقتراحات العلماء  
- اقترح بعض الخبراء ضخ الأسمنت أو الرمال لسد التسرب، لكن ذلك قد يؤدي إلى انفجارات تحت الأرض.  
- آخر الدراسات في 2024 تشير إلى أن النيران قد تستمر لعقد آخر على الأقل بسبب كمية الغاز الكامنة.  
ج. تطورات 

لا تزال النيران مشټعلة دون أي تغيير ملحوظ. ومع ذلك:  
- أعلنت تركمانستان عن خطط لبناء منصات مشاهدة أكثر أمانًا للسياح.  
- هناك نقاشات حول استخدام الغاز المتسرب كمصدر للطاقة بدلًا من حرقه.  
7. الأساطير والقصص الشعبية  
ألهمت الحفرة العديد من الأساطير، منها: 
- يعتقد بعض السكان المحليين أنها "بوابة إلى العالم السفلي".  
- تروي القصص أن النيران لن تنطفئ حتى "تنتهي خطايا البشر"!  
الخاتمة  
حفرة دارفازا تظل واحدة من أغرب الظواهر الطبيعية التي صنعها الإنسان عن غير قصد. بين جمالها المرعب وتأثيرها البيئي الخطېر، تبقى "بوابة الچحيم" شاهدًا على قوة الطبيعة وعبثية التدخل البشري فيها. 

لا تزال النيران مشټعلة، وتستقطب الفضوليين من كل أنحاء العالم، بينما يحاول العلماء إيجاد حلول للحد من آثارها المدمرة على المناخ.