الجمعة 23 مايو 2025

رجل يحول منزله إلى كهف حقيقي

موقع أيام تريندز

في زمن تتجه فيه الأنظار إلى المنازل الذكية والديكورات العصرية، فاجأ رجل في إحدى ضواحي مدينة نائية المجتمع المحلي والعالم الرقمي بمشروع فريد من نوعه، إذ قرر تحويل منزله بالكامل إلى كهف حقيقي! هذا القرار الغريب نوعًا ما لم يكن مجرد فكرة عابرة أو مزحة على وسائل التواصل، بل كان ثمرة سنوات من التخطيط والعمل اليدوي والشغف بعالم ما قبل التاريخ.

من هو هذا الرجل؟

صاحب هذا المشروع الغريب يُدعى مايكل دومينيك (Michael Dominic)، رجل في الخمسين من عمره، يعمل في مجال التصميم الداخلي، لكنه منذ صغره كان مولعًا بعالم الكهوف والتاريخ الجيولوجي. يقول دومينيك في مقابلة له:

"بينما كان الأطفال الآخرون يقرأون قصص الأبطال الخارقين، كنت أقرأ عن إنسان النياندرتال، والرسوم الجدارية البدائية في كهوف لاسكو بفرنسا. كنت دائمًا أشعر أن هناك سحرًا خامًا في تلك الحياة البسيطة البدائية."

المنزل يتحول إلى كهف... حرفيًا!

بدأ دومينيك مشروعه في عام 2019، حيث اشترى منزلًا قديمًا يقع على أطراف غابة صغيرة. ومنذ ذلك الحين، كرس وقته وجهده لتحويل كل زاوية من زوايا المنزل إلى ما يشبه كهفًا طبيعيًا، من الجدران وحتى الأسقف والأرضيات. استخدم مواد مثل الجص والحجارة الصناعية، إضافة إلى بعض الصخور الحقيقية التي جمعها بنفسه، ليعيد تشكيل كل مساحة داخل المنزل بحيث تبدو كأنها منحوتة داخل جبل.

الجدران ليست فقط خشنة ومحفورة يدويًا لتقليد التكوينات الصخرية، بل تحتوي أيضًا على رسوم جدارية مستوحاة من العصر الحجري، رسمها دومينيك بنفسه باستخدام أصباغ طبيعية. حتى الأثاث، مثل الطاولات والمقاعد، تم نحته ليبدو وكأنه مكون من صخور، بعضها ثابت في الأرض كأنها جزء من التكوين الصخري العام.

التفاصيل التي تصنع التجربة

أكثر ما يُدهش زوّار منزل دومينيك هو اهتمامه بالتفاصيل الدقيقة. فقد صمّم نظام إنارة خاڤتة يُشبه توهج النيران، وأخفى الأسلاك الكهربائية داخل تجاويف الصخور، حتى لا يُفسد الطابع البدائي للمكان. كما ابتكر نظام تدفئة صديقًا للبيئة، يعتمد على حرارة الجدران الصخرية المعزولة بشكل طبيعي.

حتى المطبخ والحمام لم يسلما من لمسته "الكهفية". فقد استخدم أحواض حجرية مصنوعة يدويًا، وصمم المقابض والحنفيات بأسلوب يبدو كأنها أدوات بدائية مصنوعة من العظام أو الخشب. أما السرير، فهو عبارة عن منصة حجرية مغطاة بفراء صناعي، تضيف دفئًا وواقعية للمشهد العام.

الزوار بين الدهشة والإعجاب

أصبح منزل مايكل معلمًا محليًا، يقصده المئات من الزوار سنويًا. وقد عرض دومينيك منزله في أكثر من برنامج وثائقي وقناة يوتيوب متخصصة في أساليب المعيشة الغريبة. بعض الناس يرون المشروع غريبًا أو حتى غير مريح، بينما يرى آخرون أنه عمل فني يستحق التقدير.

أحد الزوار كتب على صفحته في إنستغرام بعد زيارته:

"شعرت وكأنني سافرت آلاف السنين إلى الوراء... كل شيء هنا ينطق بتاريخ لا نعرفه، لكنه يلامس شيئًا عميقًا بداخلنا."

لماذا فعل ذلك؟

عندما سُئل مايكل عن سبب اتخاذه هذا المسار غير التقليدي، أجاب:

"أردت أن أخلق مكانًا يعيدنا إلى أصلنا، إلى ما كنا عليه كبشر قبل أن تغزونا التكنولوجيا. أردت منزلًا يُجبرني على التباطؤ، على التأمل، على الاستماع لصوت الطبيعة بداخلي."

ويضيف:

"هذا المنزل ليس فقط مكانًا للعيش، بل هو انعكاس لفلسفة حياة أؤمن بها: البساطة، والاندماج مع الطبيعة، والانفصال المؤقت عن ضجيج العالم."

الخلاصة: الكهف كفلسفة حياة

مشروع مايكل دومينيك يطرح تساؤلات حول علاقتنا بالحداثة والراحة، ويعيد النقاش حول العودة إلى الطبيعة كوسيلة للتوازن النفسي والذهني. وبينما يسعى كثيرون وراء المنازل الذكية والمفروشات الفاخرة، يختار البعض طريقًا آخر — طريقًا نحو الجذور.

إن منزل الكهف هذا ليس فقط مأوى، بل بيان فني وفلسفي حيّ، يثبت أن الإبداع لا حدود له، وأن الشغف يمكنه أن يُحول حتى أكثر الأحلام غرابة إلى واقع ملموس.