حيوانات منقرضة يعتقد العلماء أنهم قادرون على إعادتها للحياة!

تتجه أبحاث علوم الأحياء الوراثية في السنوات الأخيرة نحو جهود إعادة “إحياء” بعض الحيوانات التي انقرضت من على سطح الأرض. يعتمد العلماء في هذه المساعي على تقنيات متقدمة لتحرير الجينات والاستنساخ، مستعينين بعينات من الحِفَظ الوراثي المحفوظ في المتاحف أو التربة المتجمدة. تهدف هذه المشاريع إلى إعادة إدخال أنواع ذات دور بيئي مهم إلى مواطنها الطبيعية، ولكنها تواجه تحديات تقنية وأخلاقية كبيرة تستوجب نقاشاً أوسع حول جدواها وفوائدها ومخاطرها.
مفهوم إعادة الإحياء الحيواني
يعتمد مفهوم “إعادة الإحياء” على نقل أو تعديل الشفرات الوراثية لحيوان قريب وراثياً من النوع المنقرض، بحيث تُضَبط الجينات لتشابه الطريق التي كان عليها أسلافه الأصليون. وهذا يتم عبر خطوات رئيسية تشمل:
استخراج الحمض النووي: يتم الحصول عليه من عظام أو أنسجة محفوظة جيداً، أو من علب محفوظات المتاحف أو عِلم رقائق الثلج البرّي.
تحرير وتعديل الجينات: باستخدام تقنيات مثل CRISPR، تُضاف أو تُعدل جينات محددة لتعكس الصفات الفيزيائية والسلوكية للنوع المنقرض.
الإخصاب المساعد: تُوضع المادة الوراثية المعدلة داخل بويضة لحيوان قريب، ثم تُنقل إلى رحم أم بديلة أو تُستخدم خلية جذعية لتكوين جنين.
التنشئة والاندماج البيئي: بعد ولادة الجيل الأول، يعمل الباحثون على تربيته في بيئة مناسبة قبل إطلاقه في موطنه الأصلي وإجراء مراقبة دقيقة لتأقلمه وتفاعله مع النظام البيئي.
أمثلة على المشاريع الرائدة
الحمامة الراكضة
انقرضت الحمامة الراكضة في بدايات القرن العشرين، وكان لها دور بيئي مهم في تسوية التربة وتدوير العناصر الغذائية في غابات أمريكا الشمالية. يسعى الباحثون اليوم إلى إعادة جينوم هذه الحمامة عبر الحمام المخطط ذو الذيل الشرقي، عبر تقنية استبدال نوى الخلايا، بهدف إنضاج البيوض المعدلة وراثياً وإنشاء جيل جديد يحمل صفات الحمامة الأصلية.
الإبكس الباينيني
يُعتبر استنساخ الإبكس الباينيني (نوع من الماعز البري) أول مثال حي على نقل نوى خلية من حيوان منقرض إلى بويضة حية. رغم أن المولود عاش دقائق معدودة فقط بسبب مشاكل في الجهاز التنفسي، فقد شكّل إنجازاً تقنياً مهماً أظهر إمكانية نقل نوى خلايا منقرضة إلى بيئة رحمية وحيدةوات.
الضفدع المعدة الحاضن
هذا النوع من الضفادع كان فريداً بقدرته على حمل البيوض داخل معدته حتى الفقس. نجح علماء في تجميد خلاياه في ثمانينيات القرن الماضي، وهندستها وراثياً لتوليد أجنة ضفادع صغيرة أسابيع قليلة قبل ۏفاتها، مما يفتح الباب أمام مشاريع لاستنساخ البرمائيات والزواحف المنقرضة.
الذئب المنقرض (ذئب الديناصير)
أعلنت أبحاث حديثة عن إمكانية إنتاج جرعات أولية من ذئب كان ينتمي إلى سلالة انقرضت منذ آلاف السنين، عبر تعديل شفرة وراثية لأحد الذئاب الحديثة. إذا ما نجحت هذه التجارب وتقنينها، فقد نشهد ولادة نماذج أولية لحيوانات افتقدناها لحقب طويلة.
التحديات التقنية والبيئية
تمزق الحمض النووي: العينات القديمة كثيراً ما تحتوي على حمض نووي متكسر، ما يصعب استخراج شفرات كاملة قابلة للإصلاح الدقيق.
التوافق البيئي: حتى إذا نجح الاستنساخ، فهل ستكون الأرض اليوم ملائمة لعودة هذه الحيوانات؟ تغيّرت المناخات والنظم البيئية، وقد لا تجد الأنواع المنقودة مأوى أو غذاء مناسبين.
المخاطر الوراثية: خطړ الإصابة بأمراض جينية أو ظهور طفرات غير متوقعة بسبب التعديلات العديدة في الشفرة الوراثية.
الإنفاق الهائل: تمويل هذه المشاريع يتطلب موارد طائلة قد تُصرف بدلاً من ذلك على حماية الأنواع المھددة حالياً.
الاعتبارات الأخلاقية
دور الإنسان كخالق: هل يحق للبشر “إعادة كتابة” تاريخ التطور وإدخال ما انقرض عمداً في نظم معيشية جديدة؟
أولوية الحفظ: يجب موازنة الجهود بين إحياء المنقرض منها وإغاثة الأنواع المھددة في الوقت الراهن.
آثار جانبية محتملة: إعادة نوع ما قد تؤثر سلباً على أنواع أخرى أو تخلق سلاسل غذائية جديدة يصعب التنبؤ بها.
بينما تبدو فكرة إعادة الأنواع المنقرضة أشبه بسيناريوهات الخيال العلمي، إلا أن التقدم التقني يقترب بسرعة من جعلها واقعاً، ولو جزئياً. يبقى من المهم توجيه هذه الجهود نحو تحقيق منافع بيئية حقيقية، مع وضع أطر تقنية وقانونية وأخلاقية تنظم استخدامات العلوم الوراثية. في نهاية المطاف، قد تقدّم مشروعات “إعادة الإحياء” فرصة لإصلاح أخطاء ماضية، لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات عميقة حول حدود تدخلنا في الطبيعة ومسؤوليتنا تجاه مستقبل التنوع الحيواني على كوكب الأرض.