الانتخابات قد تنذر بـتغيير جذري في السياسة الإسلامية في المملكة المتحدة

موقع أيام تريندز

تشير مؤشرات عدة إلى أن الانتخابات القادمة في المملكة المتحدة قد تشكل نقطة تحول أساسية في السياسة الإسلامية الداخلية، عبر ارتفاع نسبة التصويت في الجاليات المسلمة وصعود مرشحين مستقلين مدعومين من تحركات مثل “The Muslim Vote” التي تسعى لتعبئة أكثر من 3.9 مليون مسلم وتأثيرهم في دوائر حاسمة. أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع ولاء المسلمين للأحزاب التقليدية، لاسيما حزب العمال بعد مواقف مترددة تجاه الحړب في غزة، مما دفعهم لدعم مرشحين مستقلين يرفعون قضاياهم الأساسية . وفي الوقت نفسه، فإن زيادة حضور التحركات الإسلامية المحلية جعلت من الممكن تحقيق نتائج ملموسة في الانتخابات البلدية في شمال إنجلترا، حيث من المتوقع فوز مرشحين مستقلين بإجماع يصب في مصلحة المجتمعات المسلمة المحلية يأتي هذا التغير بينما يواجه اليمين المتطرف، مثل حزب Reform UK، معارك داخلية بسبب خطاب عدائي ضد المسلمين، ما أسهم في توحيد الأصوات المسلمة ضد سياسات التمييز والكراهية 

الخلفية التاريخية للمشاركة السياسية للمسلمين

التمثيل التقليدي في البرلمان

اعتاد المسلمون في بريطانيا، الذين يشكلون نحو 6% من السكان، على دعم حزب العمال الذي ظل يمثل صوتهم منذ الثمانينيات، مستفيداً من سياساته الاجتماعية والاقتصادية ومع ذلك، فإن اعتمادهم على حزب واحد جعله عرضة لتراجع شعبيته لديهم فور شعورهم بعدم التمثيل الحقيقي لقضاياهم، كما ظهر بوضوح بعد الانتخابات العامة لعام 2024 التي شهدت خسارة العمال لأكثر من 300 ألف صوت في المناطق ذات الكثافة المسلمة العالية 

تطور الحراك المستقل

نشأت مبادرات مثل “The Muslim Vote” بهدف ضمان أخذ صوت المسلمين على محمل الجد، من خلال نشر قوائم ترشيحات وتوجيهات تصويتية في الدوائر التي يمكن لمجتمعاتهم أن تحدث فيها فرقاً انتخابياً كبيراً . وقد مهد هذا لظهور مرشحين مستقلين يركزون على قضايا مثل مكافحة الإسلاموفوبيا والدفاع عن الحقوق المدنية، بدلاً من الانضواء تحت لواء أحزاب كبرى قد لا تعكس مطالبهم بالكامل 

مؤشرات التغيير في الانتخابات الأخيرة

نتائج الانتخابات المحلية 2025

أظهرت توقعات نتائج الانتخابات البلدية في أبريل 2025، وخاصة في شمال إنجلترا مثل لانكشير وويست يوركشاير، ارتفاعاً ملحوظاً في دعم المرشحين المستقلين من خلفية إسلامية، مع إمكانية فوز عدد غير مسبوق من هؤلاء المرشحين بمقاعد المجالس المحلية . وقد اعتبر معلقون أن هذا التحول قد يترجم قريباً إلى تغيير مماثل في الانتخابات العامة المقبلة، مما ېهدد احتكار الأحزاب التقليدية لمقاعد المسلمين في البرلمان 

انخراط المنظمات الإسلامية

ساهمت منظمات مثل Muslim Network.tv في توثيق الحركات والمسيرات وأدوات الضغط التي نظمتها الجاليات المسلمة لرفع الوعي بأهمية المشاركة السياسية والوقوف ضد خطاب الكراهية المتصاعد . كما ألقت تقاريرها الضوء على قصص نجاح لمرشحين مستقلين يعكسون تنوع أبناء الجاليات المسلمة وأولوياتهم العملية في الصحة والتعليم والإسكان

العوامل المحفزة للتغيير

المواقف من السياسة الخارجية

لعب الموقف من الحړب في غزة دوراً محورياً في إيقاظ الضمير السياسي للمسلمين، حيث عبر كثيرون عن امتعاضهم من موقف الأحزاب الكبرى وتوجيه أصواتهم نحو مرشحين مستقلين آخرين يطالبون بوقف العمليات العسكرية والضغط على الحكومة البريطانية لوقف دعمها لإسرائيل

رفض خطاب اليمين المتطرف

أججت تجاوزات بعض مرشحي حزب Reform UK ضد المسلمين والمهاجرين شعوراً بالټهديد لدى المجتمعات المسلمة، فوحدتهم في مواجهة علنية وحملات مقاومة انتخابية مناهضة لتلك الخطابات، دفعت بالناخبين المسلمين للإدلاء بأصواتهم بكثافة في المجالس المحلية

دلالات وتداعيات متوقعة

إعادة تشكيل الأولويات البرلمانية

من المتوقع أن يفرض تزايد تمثيل المرشحين المسلمين المستقلين أولويات جديدة في أجندة البرلمان، تشمل مكافحة الكراهية الدينية وتعزيز المساواة في التعليم والرعاية الصحية والإسكان في المناطق الحضرية ذات الكثافة المسلمة العالية

تحدي الأحزاب التقليدية

ستكون الأحزاب الكبرى مضطرة لمراجعة سياساتها الداخلية وإعادة النظر في توازن ممثليها البرلمانيين من أبناء الجاليات المسلمة، وإلا فانها ستواجه خطړ خسارة مقاعد حاسمة في الانتخابات العامة المقبلة 

فرص التحالفات الجديدة

يفتح صعود المرشحين المستقلين الباب أمام تحالفات أوسع بين مرشحين مسلمين وأحزاب صغيرة أو منابر مدنية تسعى لإعادة صياغة المشهد البرلماني، على غرار ما حصل عبر قوائم تحالف “The Muslim Vote” التي ضمت مرشحين من خلفيات حزبية متعددة

ترسم نتائج الانتخابات المحلية المتسارعة مساراً جديداً للسياسة الإسلامية في المملكة المتحدة، حيث تبدو الانتخابات القادمة بمثابة الاستفتاء الشعبي الأول على مدى نجاح الأحزاب في احتضان قضايا المسلمين وتطلعاتهم. وفي ظل هذا المشهد الديناميكي، سيأتي الرد النهائي من صناديق الاقتراع التي قد تشهد تحولاً جذرياً في رسم ملامح التمثيل الإسلامي في أرفع المستويات السياسية البريطانية.