أطول لحية في العالم تزن أكثر من ٢٠ كيلو.. صاحبها يحملها في عربة

يحمل “ماهر الحاج” من قرية الأنصار في لبنان لقب صاحب أطول لحيةٍ في العالم تزن أكثر من 20 كيلوغراماً، وهو موهوبٌ في إدارة هذا الكنز الشعري الفريد عبر عربةٍ صغيرةٍ خاصةٍ صمّمها بنفسه. بدأت رحلة ماهر مع لحاياه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، حيث قرر عدم قصها انطلاقاً من تقاليدٍ دينيةٍ واجتماعيةٍ، ثم تطوّرت مع الوقت لتصبح هويته التي تجذبه الأنظار في كل مكانٍ يمرّ به. لا يقتصر الأمر على طول اللحية فقط، بل على ثقلها الكبير الذي استلزم حلولاً عمليةً وحرفيةً للحفاظ عليها من التلف وإتاحة انتقاله بحريةٍ بينها وبين منزله ومحلّ عمله.
مولد الحكاية وبدايات اللحية
نشأ ماهر في أسرةٍ محافظةٍ تعتزّ باللحية الطويلة كرمزٍ للشخص المقتدر والمحترم. في سنّ العشرين، قرر التوقف عن قصّ شعر وجهه، فازدادت رغبته في الحفاظ على هذا التقليد، فلم يقطعه أبداً منذ عام 1992. في البداية، كانت لحيتُه لا تتجاوز بضعة سنتيمتراتٍ، لكن مع مرور السنوات، تراكم الشعر حتى بات يلامس الأرض أحياناً وهو واقفٌ أمام المرآة. مع بلوغ اللحية طول 1.5 مترٍ ووزن 5 كيلوغراماتٍ، أدرك ماهر أنّ عليها رعايةٌ خاصةٌ أكثر مما يستطيع توفيره يدوياً فكرّ في ابتكار حلٍّ مبتكرٍ.
التصميم العملي للعربة
واجهة مشكلة الوزن الزائد والعِقد المتشابكة اللحية تحدياً كبيراً لمظهره اليومي، فكان لا بدّ من وسائلٍ تحميها من الانكسار والتشابك. ابتكر ماهر “العربة الحامل للّحية”، وهي عربةٌ خشبيةٌ مصفّحةٌ ومبطّنةٌ بقماشٍ ناعمٍ خفيفٍ يمتدّ فوق الإطار المعدني، مزوّدةٍ بمقابضَ قابلةٍ للتعديل ووسادةٍ خاصةٍ لوضع الجزء العلوي من اللحية لتفادي الضغط على فروة الوجه. يركب ماهر العربة بسهولةٍ ويمرّر لحيةً إلى داخلها في لفّةٍ واحدةٍ بحرفيةٍ عاليةٍ، ثم يربطها بشريطٍ قماشيٍ لا يُفسد الشعر ولا يضعفّه.
يتحرّك ماهر عبر شوارع قريته وأزقّتها وعربته معه تؤمّنه ورفيقه الدائم؛ تتبعه الأنظار بأعجابٍ واستغرابٍ، فتتحوّل جولاته اليومية إلى استعراضٍ مصغّرٍ يُظهر حجم الإبداع الذي توصل إليه.
التحديات اليومية
الوزن والمجهود
يزن شعر لحية ماهر أكثر من 20 كيلوغراماً، ما يضغط على رقبته وكتفيه وعظام عموده الفقري، لذا كان عليه تعلّم تقنياتٍ خاصةٍ لتحمّل هذا العبء. يعتمد في ذلك على تمارينٍ يوميةٍ لتقوية عضلات الرقبة والظهر، إضافةً إلى استخدام دعامةٍ طبيةٍ لشدّ الرقبة عند النوم.
النظافة والصيانة
تتطلب لحيةٌ بهذا الطول رعايةً خاصةً للمحافظة على نظافتها ولمعانها. يستعمل ماهر شامبو طبيعيّاً خالياً من المواد الكيميائية القاسېة، ويعتمد على الزيوت النباتية مثل زيت جوز الهند وزيت الخروع لترطيب الشعر. يستغرق حمّام اللحية الواحدة بالكامل ما يقارب الساعة والنصف بين تنظيفٍ وشطفٍ وتغذيةٍ وترتيبٍ، وهو يخصص يومين في الأسبوع لهذه المهمة الشاقة.
المناخ والعوامل الخارجية
تغيّر مواسم السنة يفرض على ماهر تعديلاتٍ في حماية لحيته؛ في الصيف يلبس غطاءً واقياً خفيفاً يحمي الشعر من أشعة الشمس والأتربة، وفي الشتاء يستعمل غطاءً أدفأ يمنع تلف الشعر بفعل البرد والرطوبة. كذلك يتجنّب الأطعمة الدهنية التي قد تلتصق بالشعر وتثقلُه أكثر.
الأثر الاجتماعي والثقافي
تحوّلت لحية ماهر إلى علامةٍ مميزةٍ في قريته، حتى قُدمت له دعواتٌ للمشاركة في مهرجاناتٍ ومناسباتٍ تراثيةٍ محليةٍ؛ ليتحدّث عن تجربته ويعرض عربته أمام زوار المعرض. يصفه الأطفال في الشارع بـ«رجل اللحية العجيبة» ويتحلقون حوله لاستطالة النظر إلى هذا الإبداع الحيّ. كما أصبحت صوره تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فالتُقطت له آلاف الصور مع معجبيه الذين يصفونه بـ«حامل الأضخم».
ومن جانبٍ آخر، بدت لحية ماهر نموذجاً للتسامح مع الاختلاف والابتكار، فاحتضنته بعض الجهات الإعلامية لإجراء لقاءاتٍ صحفيةٍ وإذاعيّةٍ تتناول قصة لحيته وأسلوب حياته معها.
الدروس المستفادة
الإبداع في مواجهة التحديات:قد تبدو مشكلة الوزن والنقل ثقيلةً، لكن بالإرادة والخيال يمكن ابتكار حلولٍ عمليةٍ.
الالتزام اليومي: لا يكفي الحفاظ على اللحية طويلاً دون تعب، بل يتطلّب نظاماً صحياً وروتين روتيني دقيقاً.
التواصل الاجتماعي: قصص الأشخاص الفريدة تعكس تنوع المجتمعات وتلهم الآخرين لتطوير مواهبهم.
قصة ماهر الحاج ولحيته التي تزن أكثر من 20 كيلوغراماً وتحمل في عربةٍ صغيرةٍ هي نموذجٌ حيٌّ للإبداع الشخصي والتفاني في الحفاظ على تقليدٍ شكّل هويّةً فرديةً واجتماعيةً مميزةً. لقد جمع بين الإرث الثقافي والابتكار التقني والرؤية الصحية لتكون قصة لحيته الطويلة العظيمة ملهمة لكل من يرغب في مواجهة التحديات اليومية بابتكار شجاع ومستمر.