الجمعة 23 مايو 2025

تحتفل فيتنام بالذكرى الخمسين لنهاية الحړب باستعراضٍ صاخب

موقع أيام تريندز

في 30 أبريل 2025، احتفلت فيتنام بالذكرى الخمسين لانتهاء الحړب في عرضٍ عسكري وشعبي ضخم أقيم في مدينة هو تشي منه، تميز بمشاركة نحو 13,000 عنصر عسكري ومدني من داخل البلاد وخارجها، مع عروضٍ للألعاب الڼارية والعروض الجوية بطائراتٍ مسيرة تؤكد على الوحدة والسلام الوطنيّين حمل الاحتفال رسائل سياسية دفعت نحو المصالحة وتعزيز العلاقات الدولية، لا سيما مع الصين ولاوس وكمبوديا، في حين غابت عنه العروض الأميركية الرسمية لأول مرة منذ عقود، ما يعكس التحوّلات الجيوسياسية الراهنة. تخلل الحدث العديد من الفعاليات الثقافية والفنية التي عبّرت عن فخر الشعب بتاريخِه وإرادته في المضيّ قدماً نحو التنمية والاندماج العالمي.

خلفية تاريخية

انتهت الحړب الفيتنامية، التي استمرت نحو 20 عاماً، بسقوط سايغون في 30 أبريل 1975، ما أدى إلى توحيد فيتنام الشمال والجنوب تحت حكم الحزب الشيوعي. كلف الڼزاع أكثر من 3 ملايين فيتنامي وما يقارب 60,000 جندي أميركي، وشكّل نقطة تحولٍ جذري في التاريخ المعاصر للمنطقة. استأنفت فيتنام علاقاتها مع الولايات المتحدة عام 1995، ثم ارتقت شراكتهما إلى شراكة استراتيجية شاملة في 2023، إلا أن تغيّرات السياسات الأميركية الأخيرة أثارت بعض التوترات حول التعويضات والعلاقات الاقتصادية.

فعاليات الاحتفال

العرض العسكري

انطلق العرض في ساحةٍ رئيسية بمدينة هو تشي منه بمشاركة وحداتٍ عسكرية من فيتنام، إضافةً إلى قواتٍ من الصين ولاوس وكمبوديا، بلغ عددهم حوالي 13,000 مشارك. تقدّم الصفوف جنودٌ يرتدون زيّ الجيش الفيتنامي القديم والحديث، مشكّلين لوحةً متجانسة تجمع بين رمزية الانتصار وتطور القدرات الدفاعية للبلاد. وقد أُلقيت كلمةٌ ألقاها الأمين العام للحزب الشيوعي تو لام، وصف خلالها الحدث بأنه “انتصار للعدالة والإيمان”، مشدداً على أهمية المصالحة الوطنية والانفتاح على العالم.

الألعاب الڼارية والعروض الجوية

عقب العرض العسكري، انطلقت عروض الألعاب الڼارية التي أضاءت سماء المدينة بألوانٍ وطنية، فيما نفّذت طائراتٌ مسيرة (درونز) عرضاً بيانياً رسم خريطة فيتنام واقتباساتٍ من شعارات الوحدة والسلام على ارتفاعاتٍ شاهقة. أكسبت هذه التقنية الاحتفال طابعاً عصرياً يعكس توجّه فيتنام نحو الاستفادة من التكنولوجيا في المناسبات الوطنية .

الفعاليات الثقافية والفنية

تضمنت الفعاليات فقراتٍ فلكلورية شارك فيها رقصاتٌ تقليدية، وأغانٍ وطنية قدمها فنانون محليون كبار، إضافةً إلى عروض مسرحية قصيرة تمثّل محطاتٍ من النضال الوحدوي للبلاد. كما أقيم معرضٌ للأعلام والشعارات التاريخية، استعرض مسيرة المقاومة والنضال منذ الاستعمار الفرنسي وحتى استقلال فيتنام وتوحيدها.

الأبعاد السياسية والدبلوماسية

جاءت مشاركة الصين ولاوس وكمبوديا في العرض العسكري تأكيداً على روابط التضامن الإقليمي ودعم الحلفاء خلال الحړب، وهو ما اعتُبر رسالةً لتعزيز التحالفات التقليدية في وجه التحولات الدولية الراهنة. بالمقابل، غياب الممثّلين الرسميين الأميركيين عن الاحتفالات الرئيسية للمرة الأولى منذ استئناف العلاقات عام 1995، رغم حضور القنصل العام الأميركي في هو تشي منه، يعكس بعض التباينات العالقة بين البلدين حول قضايا اقتصادية وتعويضات الحړب . وقد أشار محللون إلى أن فيتنام توازن بين توطيد علاقاتها مع القوى العظمى والدول المجاورة لتأمين مصالحها الاستراتيجية والتنموية .

ردود فعل الشعب ووسائل التواصل

شهدت منصات التواصل الاجتماعي فيتنامية هجوماً واسعاً من التغريدات والمنشورات التي عبّرت عن الفخر الوطني والاعتزاز بالهوية التاريخية، فيما نشر بعض المستخدمين صوراً ومقاطع فيديو للعرض العسكري والألعاب الڼارية، حاملةً وسم #اليوم_التاريخي_فيتنام . وتداولت صفحاتٌ محلية مقابلات مع مواطنين ركّزوا على معنى الوحدة وتأثير الحړب على حياتهم الشخصية؛ فقد ذكر أحدهم أن انتهاء الحړب أعاد لقاء أسرته المشتتة، بينما رأى آخرون أن هذه الذكرى كانت مناسبةً للتفكير بمستقبل الأجيال القادمة بعيداً عن النزاعات المسلحة

شكلت فعاليات الاحتفال بالذكرى الخمسين لنهاية الحړب في فيتنام نقطة تحوّلٍ رمزية تُظهر قدرة البلاد على تجاوز المأساة التاريخية والانتقال إلى مسارٍ من التنمية والسلام والتناغم الاجتماعي. وبينما بقيت نبرة المصالحة والاعتراف بالضحايا في صلب الاحتفال، تعكس التقنية الحديثة والعروض الفنية والفخر الشعبي ثقة فيتنام بمستقبلها ودورها المتنامي في المنطقة والعالم . بهذه المناسبة، تؤكد فيتنام أن الماضي، مهما كان موجعاً، يمكن أن يتحول إلى روايةٍ توحّد الشعب وتدفعه نحو تحقيق طموحه في الازدهار والاستقرار.