أول متحف تحت الماء في العالم.. كيف يحافظ على الأعمال الفنية؟

موقع أيام تريندز

أول متحف تحت الماء في العالم تحفة فنية تحمي البيئة البحرية
مقدمة فكرة ثورية تجمع بين الفن والحفاظ على البيئة
في عالم حيث تتعرض النظم البيئية البحرية لتهديدات متزايدة ظهرت فكرة مبتكرة تجمع بين الإبداع الفني والحفاظ على البيئة متاحف تحت الماء. يعتبر متحف الكانكون الغارق تحت الماء MUSA في المكسيك أول وأشهر متحف من نوعه في العالم حيث يمثل نموذجا رائدا لكيفية حماية الأعمال الفنية تحت الماء مع تعزيز الحياة البحرية في نفس الوقت. تأسس هذا المتحف الفريد في عام 2009 واكتمل بنهاية 2013 ليصبح أيقونة عالمية تجذب السياح وعشاق الفن والبيئة على حد سواء .
ولادة الفكرة من حماية الشعاب المرجانية إلى متحف فني
جاءت فكرة إنشاء متحف الكانكون الغارق تحت الماء كحل لمشكلة بيئية ملحة. لاحظ الدكتور جايمي غونزاليس كانتو مدير حديقة كوستا أوكسيدنتال الوطنية في جزيرة موخيريس بالمكسيك أن الشعاب المرجانية الطبيعية في منطقة مانتشونيس أكبر الشعاب في كانكون تتعرض للتلف بسبب الأنشطة السياحية المكثفة من غواصين وسباحين .
بدلا من تقييد الوصول إلى هذه المناطق الهشة خطرت لكانتو فكرة إنشاء منطقة جذب بديلة تحت الماء. بالتعاون مع النحات البريطاني جايسون ديكاريز تايلور الذي كان له خبرة سابقة في إنشاء منحوتات تحت الماء في جزر الكناري تم تطوير مفهوم المتحف الذي يحول الفن إلى موائل بحرية اصطناعية .
تصميم المتحف وهندسته كيف تحافظ المنحوتات على نفسها تحت الماء
يضم متحف MUSA ثلاثة صالات عرض اثنتان تحت الماء والثالثة على اليابسة. تقع صالات العرض المغمورة في منطقتين رئيسيتين شعاب مانتشونيس على عمق 8 أمتار وتحتوي على 477 منحوتة ومنطقة بونتا نيزوك على عمق 4 أمتار وبها 23 منحوتة .
المواد المستخدمة في النحت
الخرسانة البحرية الخاصة صممت المنحوتات من خرسانة بحرية ذات درجة حموضة محايدة pHneutral لتشجع نمو الشعاب المرجانية دون الإضرار بالبيئة البحرية .
مواد صديقة للبيئة استخدم في صنع التماثيل 120 طنا من الخرسانة والرمل والحصى و كيلوغرام من الألياف الزجاجية و كيلوغرام من السيليكون .
أساليب التثبيت استخدمت أكياس رفع هوائية للتحكم في وضع المنحوتات الثقيلة في أماكنها بدقة تحت الماء مع وجود رافعة خاصة لمنع التلف أثناء الإنزال .
الحماية الطبيعية
التعايش مع البيئة صممت التماثيل بزوايا وأركان مظلمة لتوفير موائل آمنة للكائنات البحرية حيث تبدأ الشعاب المرجانية والطحالب بالنمو عليها بمرور الوقت مما يحولها إلى شعاب اصطناعية .
الحماية من التيارات وضعت المنحوتات بشكل استراتيجي لتعمل كمصدات للتيارات المائية القوية مما يحمي الحياة النباتية البحرية ويسمح لها بالنمو .
التطور الصامت فلسفة فنية تحمي الطبيعة
أطلق جايسون ديكاريز تايلور اسم التطور الصامت على مجموعته الرئيسية من المنحوتات في المتحف والتي تعكس التفاعل بين البشر والبيئة. هذه التماثيل التي تصور مشاهد من الحياة اليومية مثل رجال أعمال رؤوسهم في الرمال أو فتاة صغيرة تنظر نحو السطح صممت ليس فقط كأعمال فنية ولكن كأساس لنمو النظم البيئية البحرية الجديدة .
ميزات الحفاظ على الأعمال الفنية
التكيف مع الطبيعة صممت التماثيل لتتغير مع مرور الوقت حيث يتحول نمو الشعاب المرجانية عليها إلى جزء من العمل الفني نفسه مما يخلق معرضا حيا يتطور باستمرار .
الصيانة الذاتية لا تحتاج المنحوتات إلى صيانة تقليدية حيث أن نمو الكائنات البحرية عليها يحميها من التآكل ويحافظ على هيكلها .
التنظيف الأولي قبل وضعها تحت الماء نظفت جميع التماثيل بعناية لضمان خلوها من أي مواد كيميائية قد تضر بالبيئة البحرية .
فوائد بيئية وسياحية أكثر من مجرد متحف
حماية النظم البيئية
تخفيف الضغط على الشعاب الطبيعية حول المتحف انتباه السياح عن الشعاب المرجانية الهشة إلى موقع جديد مما أعطى الفرصة للنظم البيئية المتضررة للتعافي .
تعزيز التنوع البيولوجي جذبت المنحوتات أكثر من 2000 من الأسماك الشباب والكائنات البحرية الأخرى مما ساعد على استعادة الحياة البحرية في المنطقة .
شعاب مرجانية اصطناعية نمت أكثر من 72 نوعا من المرجان على التماثيل مما خلق موائل جديدة للكائنات البحرية .
تجربة زائر فريدة
خيارات متعددة للزيارة يمكن للزوار استكشاف المتحف عبر الغوص أو السباحة بأنبوب التنفس سنوركلينغ أو من خلال قوارب ذات قيعان زجاجية .
تعليم بيئي أصبح المتحف وسيلة لتوعية الزوار بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية من خلال الفن .
جذب سياحي كبير استقطب المتحف أكثر من 100000 زائر من أصل 500000 يزورون المحميات الحكومية في عام 2013 فقط .
التحديات والحلول في الحفاظ على الأعمال الفنية تحت الماء
التحديات الرئيسية
التآكل الطبيعي تعرض المواد للتحلل بفعل المياه المالحة والتيارات البحرية.
النمو البيولوجي المفرط قد يؤدي النمو الكثيف للطحالب والشعاب إلى تشويه ملامح المنحوتات.
الأضرار البشرية قد يتسبب الغواصون غير الخبراء في إتلاف الأعمال عن غير قصد.
حلول مبتكرة
اختيار المواد استخدام الخرسانة البحرية الخاصة التي تقاوم التآكل وتشجع النمو المتوازن للحياة البحرية .
التصميم الدقيق صممت التماثيل بأسطح خشنة لتسهيل التصاق الكائنات البحرية بشكل متجانس .
المراقبة المستمرة يقوم فريق متخصص بمراقبة نمو الشعاب المرجانية على المنحوتات لضمان التوازن البيئي .
خاتمة نموذج يحتذى به عالميا
أثبت متحف الكانكون الغارق تحت الماء أن الفن يمكن أن يكون أداة قوية للحفاظ على البيئة. من خلال دمج الإبداع الفني مع العلم البيئي نجح هذا المتحف في حماية الأعمال الفنية تحت الماء ليس عبر عزلتها عن الطبيعة بل بجعلها جزءا لا يتجزأ من النظام البيئي البحري. لقد أصبح نموذجا يحتذى به عالميا حيث تم إنشاء متاحف مماثلة في إسبانيا متحف أتلانتيكو وقبرص متحف موسان وأستراليا متحف الفن تحت الماء وغيرها .
اليوم بينما نواجه تحديات بيئية متزايدة يذكرنا متحف MUSA بأن الحلول الإبداعية يمكن أن تحقق فوائد متعددة حماية البيئة وتعزيز السياحة وإثراء المشهد الفني كل ذلك في آن واحد. إنه ليس مجرد متحف بل رسالة توعية عابرة للحدود حول إمكانية التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة.