ظاهرة المنازل الذكية تنتشر في السعودية والإمارات

ظاهرة المنازل الذكية في السعودية والإمارات: التحولات التكنولوجية التي تلامس حياتنا اليومية
في ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم اليوم، باتت المنازل الذكية أحد أبرز التحولات التكنولوجية التي تؤثر في حياتنا اليومية. يعتمد هذا النموذج العصري على دمج التقنيات الحديثة في صميم المنازل، مما يسهم في تحسين الراحة، الأمان، والكفاءة الطاقية. وفي منطقتنا العربية، تبرز كل من السعودية والإمارات كأبطال في تبني هذا التوجه، مما يعكس التطور الكبير في استخدام هذه التقنيات. في هذا المقال، نتناول مشهد المنازل الذكية في هاتين الدولتين، مستعرضين أبرز الإحصائيات، الأجهزة المبتكرة، وأثر هذه الظاهرة على البيئة والاقتصاد.
1. الإمارات: السوق الأكثر نموًا للمنازل الذكية
تُعد الإمارات من الدول الرائدة في تبني التقنيات الحديثة، وهو ما ينعكس بشكل واضح في سوق المنازل الذكية. تشير التوقعات إلى أن قيمة سوق الأجهزة المنزلية الذكية في الإمارات ستصل إلى نحو 5.5 مليار درهم (1.5 مليار دولار) بحلول عام 2025، بزيادة كبيرة مقارنةً بـ 4.4 مليار درهم في العام 2024. يعكس هذا النمو السريع تطورًا كبيرًا في اهتمام المواطنين بهذه التكنولوجيا، مع نسبة نمو سنوية تتراوح بين 15 و20%.
بحلول عام 2028، من المتوقع أن يرتفع معدل انتشار الأجهزة الذكية إلى 23%، مدفوعًا بتقدم شبكة الجيل الخامس والألياف الضوئية. وفقًا لدراسة أعدتها شركة "سامسونغ"، سيشهد السوق نموًا سنويًا بمعدل 11.73% ليصل إلى 500 مليون درهم (113.8 مليون دولار) في هذا التاريخ، بعد أن كان 33 مليون دولار فقط في 2018. هذا التحول الملموس يظهر حجم الاهتمام المتزايد بالتقنيات الذكية في الإمارات، حيث باتت جزءًا من أسلوب الحياة اليومي.
2. السعودية: تحول رقمي مستمر في الحياة المنزلية
بينما كانت الإمارات في طليعة دول المنطقة في تبني المنازل الذكية، فإن السعودية أظهرت تقدمًا ملحوظًا أيضًا في هذا المجال. على سبيل المثال، في العام الماضي، شهدت المملكة زيادة كبيرة في عدد الأجهزة المتصلة بالمساعد الصوتي "أليكسا"، حيث ارتفعت النسبة بأكثر من 90% ليصل عدد الأجهزة إلى نحو 6 ملايين جهاز. هذه الزيادة تعكس الوعي المتزايد لدى السعوديين بالتقنيات الحديثة وفوائدها في تسهيل الحياة اليومية.
علاوة على ذلك، سجلت المملكة والإمارات معًا أكثر من 130 مليون طلب للتحكم في أجهزة المنازل الذكية عبر "أليكسا" في 2023، مما يعكس تحولًا رقميًا ملحوظًا في الحياة المنزلية في المنطقة. هذه الأرقام تعكس تنامي استخدام الأوامر الصوتية بشكل كبير، الأمر الذي يجعل الحياة اليومية أكثر بساطة ويسرًا.
3. أبرز الأجهزة والتقنيات في المنازل الذكية
تعتمد المنازل الذكية في كل من السعودية والإمارات على مجموعة متنوعة من الأجهزة التي تساهم في تحسين جودة الحياة اليومية. من أبرز هذه الأجهزة نجد الإضاءة الذكية التي تتيح للمستخدمين تعديل شدة الإضاءة حسب احتياجاتهم أو جدولهم الزمني، ما يسهم في توفير الطاقة بشكل ملحوظ. كما تشمل هذه الأجهزة أجهزة التكييف الذكية والتلفزيونات التي يمكن التحكم فيها عن بعد باستخدام الهواتف الذكية أو الأوامر الصوتية.
إضافة إلى ذلك، هناك الكاميرات الأمنية التي تعزز من الأمان داخل المنزل، والأقفال الذكية التي توفر مستوى عالٍ من الحماية ضد السړقة. كما تسهم المكانس الكهربائية الذكية في تنظيف المنازل بكفاءة دون الحاجة لتدخل الإنسان. تتكامل هذه الأجهزة مع المساعدات الصوتية مثل "أليكسا" و"جوجل هوم"، ما يجعل التحكم في المنزل أمرًا سهلاً للغاية باستخدام الأوامر الصوتية.
4. المنازل الذكية والمساهمة في الاستدامة البيئية
لا تقتصر فوائد المنازل الذكية على الراحة والأمان فقط، بل تمتد لتشمل تعزيز الاستدامة البيئية. فهذه المنازل تعتمد على أنظمة الإضاءة الذكية التي تتحكم في الإضاءة بشكل تلقائي، مما يساعد على توفير الكهرباء. كما يتم استخدام صنابير المياه الذكية التي تحد من استهلاك المياه، إضافة إلى السخانات التي تعمل بالطاقة الشمسية، مما يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ويحد من هدر الموارد.
بالإضافة إلى ذلك، تسهم هذه التقنيات في تقليل التكاليف الشهرية للمستهلكين عبر تقليل استهلاك الطاقة والمياه. بالتالي، تُعد المنازل الذكية خيارًا مثاليًا للأشخاص الذين يسعون إلى تقليل بصمتهم البيئية وتعزيز كفاءة استهلاك الموارد.
5. مستقبل المنازل الذكية في المنطقة
يُتوقع أن يستمر نمو سوق المنازل الذكية في السعودية والإمارات خلال السنوات القادمة، حيث تزداد الوعي بفوائد هذه التقنيات يومًا بعد يوم. في الإمارات، تشير التوقعات إلى أن انتشار الأجهزة الذكية سيصل إلى 23% بحلول عام 2028، بينما سيتبعها النمو ذاته في السعودية. يعتمد هذا النمو على التحول الرقمي في البلاد، وزيادة استخدام شبكات الجيل الخامس، وتعزيز البنية التحتية للاتصالات.
من خلال هذه التطورات، ستكون المنازل الذكية جزءًا أساسيًا من مستقبل الإسكان في المنطقة، مما يسهم في تحسين جودة الحياة، تعزيز الأمان، وتوفير استهلاك الطاقة. مع هذه الابتكارات، يمكن أن تصبح هذه المنازل أكثر توفيرًا للطاقة، وأكثر راحة للعيش، وأكثر أمانًا لجميع أفراد العائلة.
الختام
إن ظاهرة المنازل الذكية في السعودية والإمارات تعكس التطور الكبير الذي تشهده هذه الدول في مجال التكنولوجيا، وقدرتها على دمج التقنيات الحديثة في حياتهم اليومية. من المتوقع أن تستمر هذه الدول في ريادة هذا المجال على مستوى المنطقة، مع التزايد المستمر في الاعتماد على التقنيات الذكية لتحسين نوعية الحياة والاستدامة البيئية. بالنظر إلى هذه الاتجاهات، فإن المستقبل يبدو مشرقًا للمنازل الذكية في المنطقة، والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من خطط الإسكان المستدامة والمبنية على أسس التقدم التكنولوجي.