تطوير نظارة ذكية تساعد المكفوفين على الرؤية الجزئية

أحدث التطورات في مجال النظارات الذكية للمكفوفين لتحسين الرؤية الجزئية
شهد العقد الماضي طفرة غير مسبوقة في مجال التكنولوجيا المساعدة للمكفوفين وضعاف البصر، خاصةً مع تطور النظارات الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقنيات الاستشعار المتقدمة. هذه الأجهزة لم تعد تقتصر على تعويض فقدان البصر، بل أصبحت أدوات فعّالة لتمكين المستخدمين من التفاعل مع العالم بثقة أكبر. فيما يلي استعراض لأبرز الابتكارات الحديثة في هذا المجال:
1. التقنيات الأساسية في النظارات الذكية
تعتمد النظارات الذكية على مجموعة من التقنيات المتكاملة لتحقيق أهدافها، ومن أبرزها:
- السونار وتقنيات تجنب العقبات: تُستخدم أجهزة استشعار لتحذير المستخدم من العوائق القريبة مثل الجدران أو الأثاث عبر اهتزازات أو تنبيهات صوتية .
- معالجة الصور بالذكاء الاصطناعي: تُمكّن الكاميرات المدمجة من التعرف على الأشياء المحيطة، مثل العملات والألوان، وتحويلها إلى معلومات صوتية .
- نظام التموضع العالمي (GPS): لتحديد الموقع بدقة وإرشاد المستخدم إلى الوجهات المطلوبة .
- الواقع المعزز: عرض المعلومات المرئية عبر شاشات صغيرة داخل العدسات، كما في نظارات eSight الكندية التي تعالج الصور بسرعة لتعزيز التباين والسطوع .
2. الابتكارات الحديثة حول العالم
- النظارة الصينية بتكلفة منخفضة: طورت شركة صينية نظارات ذكية تعتمد على كاميرا عالية الدقة وخدمة عملاء عن بُعد لتوجيه المستخدمين، بسعر 434 دولارًا، لكنها تفرض رسومًا على الدقيقة الواحدة مقابل الخدمات .
- نظارة eSight 3 الكندية: تُعتبر من أقدم النماذج، حيث تعرض صورًا ملونة في الوقت الفعلي عبر شاشات OLED، لكنها تواجه تحديات مثل تأخير نقل الصورة وتكلفتها العالية (10 آلاف دولار) .
- نظارة الأمل الإماراتية: تقدم 25 خدمة تشمل التعرف على الوجوه، وقراءة النصوص، وتحديد اتجاه القبلة، لكن تفاصيل تطويرها الحالي غير واضحة .
3. الابتكارات العربية البارزة
- نظارة عمر ناجي الأردني: تحتوي على كاميرا ومرسل فوق صوتي للكشف عن العقبات، مع سماعة لترجمة المعلومات إلى أصوات .
- نظارة أنطونيوس ماجد المصري: أحدث نموذج (2024)، صممها طفل عمره 15 عامًا باستخدام تقنية الاستشعار البسيطة، وتُنبه المستخدمين عبر الاهتزاز عند وجود عوائق. حظيت بدعم الفنان تامر حسني، وتهدف إلى توفير حلول منخفضة التكلفة .
- شركة MIH Systems المصرية: أطلقت نظارة ذكية عام 2020 بتقنيات متقدمة، لكن المشروع توقف لاحقًا لأسباب غير معلنة .
4. التحديات التي تواجه التطوير
- التكلفة العالية: لا تزال أسعار معظم النماذج مرتفعة، مثل نظارة eSight (10 آلاف دولار)، ما يجعلها بعيدة عن متوسطي الدخل .
- اعتماد بعض النماذج على اشتراكات: كما في النموذج الصيني الذي يفرض رسومًا دورية مقابل الخدمات .
- التأخير الزمني: بعض الأجهزة تعاني من تأخر في نقل الصور إلى العين، مما يؤثر على تجربة المستخدم .
- غياب الدعم الحكومي: أشار أنطونيوس ماجد إلى أن الدعم الرسمي محدود، رغم الحاجة إلى تمويل المكونات الإلكترونية .
5. الخدمات المتقدمة التي تقدمها النظارات
- القراءة والترجمة: تحويل النصوص المكتوبة إلى صوتيات بلغات متعددة، بما في ذلك الصحف وقوائم الطعام .
- التعرف على البيئة: وصف الأشكال والماركات التجارية، وحتى نسبة الإضاءة في المكان .
- التفاعل الاجتماعي: تمييز تعابير الوجوه وحركات الأشخاص، مما يساعد على تحسين التواصل .
- التطبيقات الدينية: مثل تحديد اتجاه القبلة ومواعيد الصلاة .
6. المستقبل والاتجاهات التكنولوجية
تسعى الشركات العالمية مثل جوجل ومايكروسوفت إلى دمج الواقع المعزز في النظارات الذكية، بينما تركّز الشركات الناشئة على تخصيص التكنولوجيا لذوي الإعاقات البصرية.
التوقعات:
- تحسين سرعة معالجة البيانات لتقليل التأخير الزمني.
- خفض التكاليف عبر استخدام مكونات مفتوحة المصدر.
- دمج تقنيات الليدار (LiDAR) لزيادة دقة الاستشعار.
الخاتمة
تشكل النظارات الذكية نقلة نوعية في حياة المكفوفين، بدءًا من تجنب العقبات وصولًا إلى التفاعل الكامل مع البيئة المحيطة. ورغم التحديات التقنية والمالية، فإن الابتكارات العربية والدولية تثبت أن التكنولوجيا قادرة على كسر الحواجز، خاصةً مع ظهور نماذج ميسورة التكلفة مثل نظارة أنطونيوس ماجد. يتطلب تعميم هذه الحلول مزيدًا من الدعم البحثي والتمويلي، لضمان وصولها إلى كل من يحتاجها.