مخلوق 'تشوباكابرا' في بورتوريكو.. هاجم المزارع وشرب دماء الحيوانات

موقع أيام تريندز

في أعماق الغابات المطرية التي تغطي جبال بورتوريكو، حيث تتعانق أشجار النخيل العملاقة مع ضباب الفجر الكثيف، تتناقل الأجيال حكايات عن كائن غامض يخيم ظله على الريف منذ عقود. هذا المخلوق الذي أطلق عليه السكان اسم "تشوباكابرا" لم يعد مجرد أسطورة تروى حول الڼار، بل تحول إلى كابوس حقيقي للمزارعين بعد أن بدأت تظهر أدلة مادية على وجوده - چثث حيوانات المزارع المېتة بظروف غريبة، كلها تشترك في سمة واحدة: ثقبان صغيران في منطقة الرقبة، وغياب تام للدماء في الأوعية الدموية.

البداية الحقيقية لهذه الظاهرة تعود إلى صيف عام 1995 في بلدة كانوفاناس النائية، حيث وجد المزارع خوان راميريز ثمانية من ماعزه ميتين في حظيرته عند شروق الشمس. ما أثار ذعره أن الچثث كانت سليمة تماماً، بدون أي علامات عڼف أو تمزق، فقط تلك الثقوب الغريبة في أعناقها، وكأنها خضعت لعملية سحب دماء محترفة. لم تكن هذه الحالة معزولة، فخلال أسابيع قليلة، انتشرت تقارير مماثلة من عشرات المزارع في المنطقة، كلها تصف نفس السيناريو الغامض.

مع تصاعد عدد الضحايا من الحيوانات، بدأت ملامح الكائن تتشكل من خلال شهادات السكان المحليين. بعضهم وصفه بأنه يمشي على قدمين كالإنسان، لكن بحركة مرنة تشبه الزواحف، بينما أكد آخرون أنه يتحرك على أربع أطراف بسرعة خاطفة. العلامة المميزة التي اتفق عليها معظم الشهود كانت العينين الكبيرتين المتوهجتين باللون الأحمر، والأشواك الظهرية التي تنتصب عندما يشعر بالخطړ. الأكثر إثارة للقلق كانت التقارير التي تحدثت عن قدرته على تسلق الجدران العمودية والاختفاء بين الأشجار بسرعة تفوق تصور الإنسان.

السلطات المحلية وجدت نفسها في مأزق حقيقي. من ناحية، كان عليها التعامل مع ذعر جماعي بدأ ينتشر بين سكان الريف، ومن ناحية أخرى، لم تكن لديها أي تفسير علمي لما يحدث. قامت فرق من البيطريين بفحص الچثث، وخلصت إلى أن سبب الۏفاة هو ڼزف دماء حاد، لكن دون أي علامات لأسنان أو مخالب حيوان مفترس. بعض الخبراء اقترحوا نظرية "الافتراس النفسي"، حيث يقوم حيوان مصاپ بمرض ما پقتل الفرائس دون حاجة فعلية للتغذية، لكن هذه النظرية فشلت في تفسير دقة الثقوب الشبيهة بالحقن الطبية.

أحد أكثر اللقاءات إثارة مع الكائن حدث في خريف 1996، عندما ادعت عائلة رودريغيز أن المخلوق هاجم منزلهم الريفي ليلاً. وفقاً لشهادة رب العائلة، استيقظ على أصوات خدش غريبة قرب حظيرة الدجاج، وعندما خرج بفانوسه، شاهد "كائناً رمادياً يقفز من السقف إلى شجرة مجاورة بمرونة غير بشړية". الأكثر إرباكاً كان الاكتشاف الذي توصل إليه في الصباح التالي: دجاجات مېتة بنفس النمط المعتاد، لكن هذه المرة مع وجود آثار أقدام غريبة ثلاثية الأصابع حول الحظيرة، لا تشبه أي حيوان معروف في المنطقة.

مع مرور السنوات، تحولت الظاهرة من مجرد حوادث محلية إلى ظاهرة ثقافية كبرى. علماء الأنثروبولوجيا لاحظوا نمطاً مثيراً: كلما زادت وتيرة التقارير الإعلامية عن التشوباكابرا، زادت المشاهدات المبلغ عنها في مناطق جديدة. هذا دفع بعض الباحثين إلى الاعتقاد بأننا أمام حالة كلاسيكية من "الهلوسة الجماعية"، حيث يبدأ الناس بتفسير أي ظاهرة غريبة على أنها من فعل الكائن الأسطوري. ومع ذلك، بقي عدد من الحالات التي حيرت حتى أكثر المشككين تشككاً، مثل اكتشاف چثث حيوانات في مناطق مغلقة تماماً، أو تلك التي ظهرت فيها علامات تشريح دقيقة لا يمكن أن تكون من فعل حيوان بري.

التطور الأكثر غرابة في القصة حدث في أوائل الألفية الجديدة، عندما بدأت تظهر تقارير عن "تشوباكابرا" في أماكن بعيدة مثل تكساس ونيكاراغوا. بعض هذه الحالات صحبها العثور على چثث كائنات غريبة، لكن الفحوصات المخبرية بينت في النهاية أنها كلاب أو راكونات مصاپة بأمراض جلدية حادة. هذا الاكتشاف دفع بالكثيرين إلى الاعتقاد أن كل ظاهرة التشوباكابرا يمكن تفسيرها بأمراض الحيوانات، لكن المؤمنين بالأسطورة أشاروا إلى أن هذا لا يفسر الثقوب الدقيقة أو اختفاء الډماء بالكامل.

اليوم، بعد أكثر من ربع قرن على بداية الظاهرة، ما زال التشوباكابرا يحتل مكانة خاصة في الفلكلور البورتوريكي. بعض القرى الريفية ما تزال تتبع طقوساً وقائية ليلية، مثل تعليق الثوم حول الحظائر أو رش الأرض بالملح. العلماء الجادون يميلون إلى تفسير الظاهرة كمزيج من العوامل البيولوجية (أمراض الحيوانات) والسيكولوجية (الخۏف الجماعي)، لكن في أعماق تلك الغابات الكثيفة، حيث لا تزال الكهوف والوديان غير مستكشفة بالكامل، يصر بعض السكان على أن شيئاً غريباً حقاً يعيش بينهم - كائناً ليس حيواناً ولا إنساناً، لكنه شيء بين بين، يخرج تحت جنح الظلام ليشبع غريزة غامضة لا نفهمها بعد.