الجمعة 23 مايو 2025

اكتشاف بكتيريا في القطب الشمالي قد تقضي على البلاستيك.

موقع أيام تريندز

بصيص أمل من جليد الشمال: بكتيريا قطبية تُعلن الحړب على وباء البلاستيك العالمي
في قلب القطب الشمالي المتجمد، حيث تتحدى الحياة أقسى الظروف المناخية، يسطع بصيص أمل جديد في المعركة الشرسة ضد التلوث البلاستيكي الذي ېهدد كوكبنا. اكتشف فريق دولي من العلماء نوعًا فريدًا من البكتيريا يعيش في هذه البيئة القاسېة، يمتلك قدرة مذهلة على تحليل وتفكيك أنواع متعددة من البلاستيك، بما في ذلك البولي يوريثان العنيد الذي طالما استعصى على التحلل البيولوجي. هذا الاكتشاف الثوري لا يقدم فقط حلاً محتملًا لأزمة النفايات البلاستيكية المتفاقمة، بل يفتح آفاقًا واعدة نحو تطوير تقنيات جديدة ومستدامة للتخلص من هذا الملوث البيئي المستعصي.
لطالما شكل البلاستيك، بفوائده العديدة وتطبيقاته الواسعة، معضلة بيئية عالمية. فتراكم النفايات البلاستيكية في المحيطات ومدافن النفايات ېهدد النظم البيئية ويضر بالحياة البرية والبحرية، بالإضافة إلى تسببه في تلوث التربة والمياه والهواء. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإعادة تدوير البلاستيك وتقليل استهلاكه، إلا أن الكميات الهائلة المنتجة سنويًا تفوق بكثير قدرتنا على التعامل معها بفعالية.
في هذا السياق، يأتي اكتشاف هذه البكتيريا القطبية كهدية من الطبيعة، ليقدم لنا سلاحًا بيولوجيًا قويًا في مواجهة هذا التحدي. تم عزل هذه الكائنات الدقيقة من عينات تربة جمعت في مناطق مختلفة من القطب الشمالي، وقد أظهرت نتائج التحاليل المخبرية قدرتها على النمو والتكاثر على أنواع مختلفة من البلاستيك كمصدر وحيد للغذاء. والأكثر إثارة للدهشة هو قدرتها على تحليل البولي يوريثان، وهو نوع من البلاستيك الاصطناعي يتميز بصلابته ومقاومته العالية للتحلل، ويستخدم على نطاق واسع في صناعة الأثاث والعزل والمواد اللاصقة.
يعزو العلماء هذه القدرة الفريدة للبكتيريا القطبية إلى الظروف البيئية القاسېة التي تعيش فيها. ففي ظل درجات الحرارة المنخفضة ونقص مصادر الغذاء التقليدية، ربما طورت هذه الكائنات الدقيقة آليات أيضية مبتكرة تمكنها من استخلاص الطاقة والكربون من المواد البلاستيكية المعقدة. إن فهم هذه الآليات الجزيئية يمكن أن يقود إلى تطوير إنزيمات صناعية أكثر كفاءة في تحليل البلاستيك على نطاق واسع.
لا يزال البحث في هذه البكتيريا في مراحله الأولية، ولكن النتائج الأولية تبعث على التفاؤل. يعمل العلماء حاليًا على تحديد الأنواع الدقيقة من البكتيريا المسؤولة عن تحليل البلاستيك، وفهم المسارات الأيضية التي تتبعها في هذه العملية. كما يدرسون إمكانية تحسين كفاءة هذه البكتيريا وتوسيع نطاق عملها ليشمل أنواعًا أخرى من البلاستيك الأكثر شيوعًا.
يحمل هذا الاكتشاف في طياته إمكانية تطوير حلول بيولوجية مبتكرة لمعالجة النفايات البلاستيكية. بدلًا من الاعتماد على الطرق التقليدية المكلفة والمستهلكة للطاقة لإعادة التدوير، يمكن استخدام هذه البكتيريا أو الإنزيمات المستخلصة منها في مفاعلات حيوية لتحليل البلاستيك وتحويله إلى مواد أولية قابلة للاستخدام مرة أخرى. يمكن أيضًا تصور استخدام هذه البكتيريا في تنظيف المواقع الملوثة بالبلاستيك، مثل مدافن النفايات والشواطئ.
بالطبع، لا يزال الطريق طويلًا قبل أن نرى تطبيقات واسعة النطاق لهذه التقنية الواعدة. هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها، مثل ضمان سلامة استخدام هذه البكتيريا في البيئات المختلفة، وتحسين كفاءتها في تحليل البلاستيك على نطاق صناعي، وتقليل الوقت اللازم لعملية التحلل.
ومع ذلك، فإن اكتشاف هذه البكتيريا القادرة على التهام البلاستيك في قلب القطب الشمالي يمثل بارقة أمل حقيقية في سعينا لإيجاد حلول مستدامة لأزمة التلوث البلاستيكي. إنه يذكرنا بقدرة الطبيعة المذهلة على التكيف والابتكار، ويحثنا على مواصلة البحث والاستكشاف في عالم الكائنات الدقيقة، الذي قد يحمل بين طياته مفاتيح العديد من التحديات البيئية التي تواجه كوكبنا. إن الحړب على وباء البلاستيك قد وجدت حليفًا غير متوقع في جليد الشمال، وهذا الاكتشاف قد يكون نقطة تحول حاسمة في هذه المعركة المصيرية.