عين اصطناعية تعيد البصر بنسبة 100%.. متى ستكون متاحة للجميع

موقع أيام تريندز

العين الاصطناعية التي تعيد البصر بنسبة 100%: حلم يقترب من الواقع... لكن متى يصبح في متناول الجميع؟

مقدمة: الثورة القادمة في عالم الإبصار

لطالما كان استعادة البصر للمكفوفين حلمًا يلاحق البشرية عبر العصور، إلا أن التقدّم العلمي في القرن الحادي والعشرين بدأ بتحويل هذا الحلم إلى واقع جزئي. اليوم، تخطو تكنولوجيا العين الاصطناعية خطوات غير مسبوقة، مدفوعة بالذكاء الاصطناعي وعلوم النانو، لتصبح قادرة على تعويض فقدان الرؤية بنسبة 100%. فهل نحن على مشارف نهاية عصر العمى؟ وما العقبات التي تُبطئ وصول هذه التقنية إلى ملايين المحتاجين حول العالم؟

1. ثورة النانوتكنولوجي: كيف ستحوّل الجزيئات الدقيقة مستقبل الرؤية الصناعية؟

تُعد مواد النانوتكنولوجي الركيزة الأساسية لتطوير غرسات عينية أكثر دقةً وأمانًا. فباستخدام جزيئات متناهية الصغر، يتم تصميم أقطاب كهربائية تتوافق حيويًا مع أنسجة العين، مما يُقلّل من خطړ الرفض المناعي.

في عام 2022، نجح باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في تطوير غرسة شبكية مصنوعة من الجرافين، تُحفّز الخلايا العصبية بدقة تصل إلى 500 بكسل، متفوقة على تقنية Argus II المعتمدة حاليًا.

وتجري شركة Bionic Vision Technologies الأسترالية تجارب على غرسات تعتمد على جسيمات نانوية ذكية، قادرة على إيصال الإشارات الضوئية مباشرة إلى العصب البصري دون الحاجة إلى كاميرات خارجية.

2. من التجارب المخبرية إلى السوق: الرحلة الطويلة لموافقة FDA على العين البيونيكية

لا تكمن التحديات في التطوير التقني فحسب، بل أيضًا في الحصول على الموافقات التنظيمية. فقد استغرق جهاز مثل Argus II ما يقرب من 10 سنوات من الاختبارات السريرية قبل أن توافق عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) عام 2013.

تشترط الـ FDA إثبات أن الجهاز آمن وفعّال بنسبة نجاح لا تقل عن 70%، مع متابعة دقيقة للمرضى تمتد إلى خمس سنوات بعد الزراعة.

في المقابل، تعتمد دول مثل اليابان برامج "المسار السريع" لتسريع الإجراءات، خصوصًا للأجهزة المخصصة لعلاج الأمراض النادرة.

3. الدمج بين العين البيونيكية والأجهزة الذكية: هل سنرى عبر كاميرا هاتفك قريبًا؟

تتوجه الأبحاث الحديثة نحو دمج العيون الاصطناعية مع تقنيات خارجية، مثل كاميرات الهواتف الذكية أو نظارات الواقع المعزز.

في عام 2023، كشفت شركة Samsung عن بروتوكول اتصال لاسلكي بين كاميرات الهواتف والغرسات الشبكية، يُتيح للمستخدمين "التقاط الصور" عبر أجهزتهم ونقلها إلى أدمغتهم مباشرة.

ويُطور مشروع PRIMA الفرنسي نظامًا يعتمد على كاميرا خارجية صغيرة تُثبت على نظارة، ترسل بياناتها إلى شريحة مزروعة في الشبكية بدقة 200 بكسل.

4. التأثير النفسي لاستعادة البصر: قصص مرضى اختبروا العالم من جديد

ليست الرؤية مجرد إشارات ضوئية، بل تجربة إنسانية معقدة. ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Lancet Ophthalmology، عانى 40% من المرضى الذين خضعوا لزراعة الغرسات من صعوبات نفسية، مثل الاكتئاب أو القلق نتيجة "الزخم البصري" الجديد.

يقول جوناس كوفمان (52 عامًا)، أول مريض ألماني خضع لزراعة Argus II: "رؤية وجه ابنتي للمرة الأولى بعد 20 عامًا من العمى جعلتني أبكي... لكنني ما زلت أتعثر في تمييز الألوان".

وتقدّم مراكز مثل معهد العيون في باريس جلسات دعم نفسي للمرضى قبل وبعد الزراعة، لمساعدتهم على فهم الإشارات البصرية الجديدة والتكيّف معها.

5. المنافسة العالمية: أي دولة تتصدر سباق العيون الاصطناعية؟

تشهد الساحة العالمية سباقًا محمومًا بين الدول والشركات لتسجيل براءات الاختراع في هذا المجال:

الولايات المتحدة: تتصدّر بأكثر من 45% من الأبحاث المنشورة، مدعومة بشركات رائدة مثل Second Sight وNeuralink.

الصين: خصّصت الحكومة 300 مليون دولار لمشروع Bright Eye، الهادف إلى تطوير عين اصطناعية بدقة 1000 بكسل بحلول 2025.

أستراليا: يُعد مشروع Bionic Eye من أكثر المشاريع تقدمًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مدعومًا من الحكومة وتجارب سريرية ناجحة على 50 مريضًا.

6. مستقبل بلا عمى: خرائط طريق تكنولوجية حتى عام 2050

بحسب تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية في يناير 2024، قد تشهد العقود القادمة تحولات نوعية، منها:

2030: طرح أول غرسة قشرية (تتصل مباشرة بالدماغ) بتكلفة تقديرية تبلغ 100,000 دولار.

2040: ارتفاع دقة الأجهزة إلى 10,000 بكسل، ما يتيح قراءة النصوص الدقيقة والتعرف على الوجوه بسهولة.

2050: تطوير عيون اصطناعية "قابلة للتحديث" عبر الذكاء الاصطناعي، تُحسّن أداءها تدريجيًا بمرور الوقت.

7. الأسئلة التي لا تُطرح: هل ستُغيّر العين الاصطناعية مفهوم الجمال البشري؟

أثارت التكنولوجيا البيونيكية نقاشات فلسفية حول الهوية الإنسانية، خصوصًا مع تطور أجهزة تُزرع بشكل دائم.

في استطلاع أجرته جامعة هارفارد، أعرب 65% من المشاركين عن خشيتهم من أن تصبح هذه الأجهزة "أداة للتمييز الطبقي"، حيث لا يستطيع استخدامها سوى الأثرياء.

بالمقابل، يرى الفيلسوف التكنولوجي ديفيد تشالمرز أن "الدمج بين الإنسان والآلة سيُعيد تعريف مفهوم الإنسانية، لا مجرد تعويض النواقص الجسدية".

الخلاصة: بين الحلم والواقع... أين نحن؟

رغم التقدم اللافت، لا تزال العين الاصطناعية الكاملة بعيدة المنال. فالعقبات التقنية، والمالية، والأخلاقية تتطلب حلولًا مبتكرة وتعاونًا دوليًا واسع النطاق. ومع استثمارات تتجاوز 2 مليار دولار وتجارب ناجحة مثل مشروع PRIMA، يبدو أن المستقبل الذي تُحارَب فيه الإعاقة البصرية ليس بعيدًا.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل سنشهد هذا المستقبل خلال حياتنا؟ الإجابة ربما تكون أقرب مما نتصور.