ميغان ماركل ترد على اټهامات بأنها غير قابلة للتفاعل

في عالم يمتزج فيه الواقع بالصورة العامة، تبرز قصة ميغان ماركل كنموذج لطريقة تشويه صورة المرأة القوية في وسائل الإعلام. التهم الموجهة إليها بأنها متعالية أو غير قادرة على التفاعل تطرح تساؤلات عميقة حول التحيزات الخفية التي تحكم نظرتنا للمشاهير، خاصة عندما تكون امرأة لا تتوافق مع التوقعات التقليدية.
ما يلفت الانتباه في الرواية المتداولة عن صعوبة التعامل مع الدوقة هو التناقض الواضح بين هذه الصورة وشهادات المقربين منها. الذين عملوا معها عن قرب في مشاريعها الإنسانية يصفونها بالدقة والالتزام، بينما يؤكد أصدقاؤها القدامى على طبيعتها الدافئة والودودة. هذا التناقض يدفع للتساؤل عن مصادر هذه الرواية، وعما إذا كانت تعكس بعض الصراعات الخفية داخل المؤسسات التي انتمت إليها.
جانب مهم يتم إغفاله هو السياق الثقافي الذي تحركت فيه ميغان. كفنانة أمريكية من أصل أفريقي انضمت إلى واحدة من أكثر المؤسسات محافظة في العالم، كان من الطبيعي أن تحافظ على حدود شخصية واضحة أثناء تكيفها مع هذا الواقع الجديد. ما قد يفسره البعض على أنه تباعد أو عزلة قد يكون في الحقيقة وسيلة دفاعية للحفاظ على الهوية في بيئة غريبة عنها.
إذا تتبعنا مسارها منذ أيام التمثيل إلى الحياة الملكية ثم خروجها منها، نلاحظ ثباتاً في نمط رفضها للأدوار الجاهزة. في هوليوود، تحدت الصور النمطية للممثلات. وفي القصر الملكي، كسرت التقاليد بلمساتها الإنسانية، مثل حضورها فعاليات خيرية في أيام كانت مخصصة عادة للراحة. هذه التصرفات لا تصدر عن شخص منعزل، بل عن شخص يرفض الأدوار المصطنعة ويصر على التواصل بطريقته الخاصة.
المفارقة تكمن في أن أكثر الانتقادات لعدم تفاعلها جاءت من دوائر ترفض هي نفسها التعامل معها كشخصية متعددة الأبعاد. وسائل الإعلام التي هاجمتها لعدم استجابتها لاستفساراتها كانت نفسها تنشر أخباراً غير دقيقة عن حياتها. بعض موظفي القصر الذين اشتكوا من صعوبة التعامل معها كانوا يرفضون بدورهم التكيف مع احتياجات شخص جديد في النظام الملكي.
في مجال العلاقات العامة، هناك فرق واضح بين الانفتاح المصطنع والتواصل الحقيقي. ميغان اختارت النوع الثاني من خلال التركيز على قضايا محددة مثل تمكين المرأة ودعم الفئات المهمشة، بدلاً من الظهور العشوائي لإرضاء وسائل الإعلام. تعاونها مع منظمات رعاية الحيوانات أو دعمها للنساء في المجتمعات النامية يظهر نمطاً من التفاعل الهادف بعيداً عن الأضواء.
الدرس الأساسي هنا يتعدى شخص ميغان ماركل. إنه يتعلق بطريقة تعاملنا مع النساء الطموحات في المناصب العامة. لو أظهر رجل نفس الحزم لوصف بالحسم والقيادة، أما المرأة فتصبح متسلطة. لو اختار الرجل الصمت بعناية لاعتبر غامضاً ومثيراً للاهتمام، أما المرأة فتصبح باردة ومنعزلة. هذه المعايير المزدوجة تجعل اټهامات عدم القدرة على التفاعل تحتاج إلى فحص دقيق.
الحقيقة الثابتة هي أن ميغان ماركل نجحت، برغم كل الانتقادات، في خلق مسار خاص بها خارج الأطر التقليدية. سواء من خلال مشاريعها الإنتاجية أو عملها مع منظمات حقوق المرأة أو حتى في طريقة تربيتها لأطفالها بعيداً عن الأضواء، فهي تثبت أن التفاعل الحقيقي ليس بالضرورة ذلك الذي يظهر للجميع، بل ذلك الذي يترك أثراً ملموساً في حياة الآخرين.
في النهاية، ربما حان الوقت لإعادة النظر في مفهومنا للقدرة على التفاعل. هل تعني الاستجابة لكل طلب إعلامي؟ أو الموافقة على كل توقعات الآخرين؟ أم تعني القدرة على البقاء صادقاً مع الذات مع إحداث فرق إيجابي في حياة من يحتاجون فعلاً إلى الدعم؟ الإجابة على هذا السؤال قد تغير نظرتنا ليس فقط إلى ميغان ماركل، بل إلى كل الشخصيات العامة التي تحاول الحفاظ على إنسانيتها في عالم مليء بالتوقعات والتصنيفات.