أصغر أنواع الغزلان في العالم هو الشيء الأكثر روعة الذي ستجده على الإنترنت اليوم

موقع أيام تريندز

الغزال الذي لا يرى حكاية الكائن الذي يهمس بدلا من أن ېصرخ
في مكان ما في ظلال الغابات الكثيفة على أطراف أمريكا الجنوبية حيث الأشجار تتحدث همسا و الضوء يتسلل كما لو أنه لا يريد أن يزعج أحدا يعيش مخلوق لا يشبه غيره. لا يركض بين السافانا كما تفعل الظباء و لا يلفت الأنظار بحجمه أو سرعته لكنه حين يظهر يخطف القلوب بنعومة صمته.
اسمه الغزال الفأري.
و لكنه ليس مجرد اسم. بل هو وعد صغير من الطبيعة بأن الجمال لا علاقة له بالحجم و أن الرقة يمكن أن تكون قوة.
طفل الغابات الخجول
الغزال الفأري أو كما يعرف علميا باسم Pudu هو أصغر أنواع الغزلان في العالم. تخيل أن ترى غزالا لا يتجاوز طوله 30 سنتيمترا عند الكتف و أصغر من قطة منزلية. و وزنه أحيانا أقل من 4 كيلوغرامات!
بعيون واسعة كأنها تحلم وأذنين صغيرتين تنتفضان لكل نسمة يتحرك هذا الغزال بخفة عبر أوراق الشجر كأنه نفس الطبيعة لا يراد له أن يمسك.
في الحقيقة هذا المخلوق يبدو كأنه تم تصنيعه من قبل رسام ناعم القلب لا عالم أحياء. كل تفصيلة فيه تنطق بلطافة خفية من خطواته المترددة حتى طريقته في أكل الأعشاب و كأنه يعتذر من النبتة قبل أن يقضمها.
موطن الحكاية حيث يعيش الصمت
الغزال الفأري يسكن الغابات الرطبة الكثيفة في جبال الأنديز من كولومبيا و حتى تشيلي. لا يحب العلن لا يظهر كثيرا و لا يركض وسط الحشود. يعيش في الظل في الزوايا في التفاصيل التي لا نلاحظها في العادة.
و هذه ربما أجمل صفاته إنه لا ينافس على المساحة. لا يطالب بالضوء. فقط يراقب و يعيش و يتنفس بسلام.
قد تمر بجانبه ولا تراه. وقد يراك ويختبئ بخفة. لا من خوف بل من حياء.
و لكن ماذا يحدث حين يعرفه البشر
على الرغم من أنه نادر الظهور إلا أن صورته حين ظهرت لأول مرة على الإنترنت أصبحت حديث العالم. لم يكن هناك تحدي رقص ولا مشهد درامي. لغزال يبدو كالألعاب القماشية يمشي بخجل بين الأعشاب.
و في أيام قليلة اجتاحت صورته مواقع التواصل. ملايين القلوب ذابت أمام نظرة عينيه. الملايين اتفقت ولو لمرة واحدة على أن هذا الكائن هو ألطف شيء على الإنترنت اليوم. هل ترى الطف من هذا ؟

لماذا
ربما لأننا تعبنا من الضجيج. من التعقيد. من العناوين الصاخبة. و وجدنا في هذا الغزال جوابا غير منطوق
الهدوء ما زال جميلا... والرقة ما زالت قادرة على الانتصار.
الكائن الذي يذكرك بنفسك
هذا الغزال ليس مجرد حيوان صغير لطيف. بل هو مرآة. مرآة لكل أولئك الذين يشعرون أنهم لا يسمعون. الذين يمشون في الحياة بهدوء و يفضلون أن يكونوا خلف الكواليس.
هو تذكير جميل بأن البساطة لا تعني التفاهة. و أن الصمت لا يعني الضعف.
بل أحيانا الصامتون يحملون أعمق القصص.
كما يفعل هذا الغزال.
بين الحياة والاختفاء
رغم جماله الغزال الفأري مهدد بالانقراض. الغابات التي تحتضنه تقطع و الصيد ېهدد وجوده و الاحتباس الحراري يغير ملامح بيئته.
و هنا المفارقة الكائن الذي لا يحب أن يرى يحتاج اليوم أن نراه.
أن نسمع صوته الذي لا يصدره. أن نرفع عنه ذلك العبء الذي لم يختره.
رسالة سرية بين السطور
تخيل لو كان باستطاعة هذا الغزال أن يكتب رسالة إلى العالم. ربما يقول فيها
أنا لا أستطيع التحدث بلغتك
لكني أتكلم بلغة السكون بلغة الفروع المتمايلة وقطرات الندى وخشخشة العشب.
لست بحاجة لأن أحب الأضواء
كي أستحق الحياة.
لماذا علينا أن نهتم
لأن الاهتمام بالغزال الفأري هو جزء من الاهتمام بأنفسنا. بأن نحتفي بالاختلاف. بأن نتذكر أن القيمة لا تقاس بالصوت المرتفع ولا بالمساحة التي نأخذها بل بالحضور الذي نتركه ولو كان صامتا.
و حين ننظر إلى هذا الغزال ربما نتعلم شيئا لا تقوله الكتب ولا تعلمه الجامعات
أن الرقة نوع من الشجاعة.
و أن الضعف الظاهري ليس إلا شكلا من أشكال القوة.
و أن الكائنات الصغيرة التي تمشي بهدوء... هي أحيانا أكثر من مجرد حيوانات.
هي دروس حية.
ختاما هل رأيته اليوم
لو كنت تقرأ هذا الآن فربما تبحث عن معنى عن جمال بسيط عن سبب لتبتسم.
و الغزال الفأري بصمته يقدمه لك.
لا ضوضاء.
لا إعلان.
فقط وجود ناعم يقول لك بلطف
أنا هنا... و أنت لست وحدك في هذا العالم.