اكتشاف أثري يربك التاريخ: خرطوش فرعوني يُنسب لرمسيس الثالث يظهر في الأردن

اكتشاف أثري يربك التاريخ: خرطوش فرعوني يُنسب لرمسيس الثالث يظهر في الأردن
في مفاجأة أذهلت الأوساط الأثرية والتاريخية، أعلن فريق من الباحثين الأردنيين والدوليين عن اكتشاف أثري فريد من نوعه في منطقة وادي الموجب جنوب الأردن، حيث عُثر على "خرطوش فرعوني" يُنسب للملك المصري الشهير رمسيس الثالث، أحد أعظم ملوك الأسرة العشرين في الدولة الحديثة. الاكتشاف أثار موجة من التساؤلات حول طبيعة العلاقات بين مصر القديمة والمنطقة الواقعة شرق نهر الأردن، وأعاد طرح فرضيات جديدة حول الامتداد الجغرافي والتجاري والسياسي للنفوذ الفرعوني في العصور القديمة.
ما هو الخرطوش الفرعوني؟
الخرطوش هو إطار بيضاوي الشكل يُحيط باسم الملك باللغة الهيروغليفية، وكان يُستخدم للإشارة إلى اسم ملكي مقدس يُكتب داخل هذا الشكل المميز. ويُعد الخرطوش رمزًا للسلطة والسيادة في مصر القديمة، ولا يُمنح إلا لملوك الفراعنة.
في هذا الاكتشاف، وُجد الخرطوش محفورًا بدقة على لوح حجري من الحجر الرملي، يحمل اسم "وسر ماعت رع مري آمون"، وهو الاسم الملكي لرمسيس الثالث، المعروف بحكمه القوي ودوره في صد هجمات شعوب البحر، إضافة إلى إنجازاته المعمارية والعسكرية البارزة.
تفاصيل الاكتشاف
تم العثور على الخرطوش أثناء أعمال تنقيب أثرية مشتركة بين جامعة اليرموك الأردنية وباحثين من معهد الآثار الألماني، ضمن مشروع لاستكشاف المسارات التجارية القديمة التي تربط وادي الموجب بالمناطق الساحلية في فلسطين والبحر الأحمر.
وقد وُجد الخرطوش في كهف حجري يُعتقد أنه كان محطة للتخزين أو الاستراحة ضمن طريق تجاري قديم. وإلى جانبه، تم العثور على أدوات فخارية تعود للعصر البرونزي المتأخر، بالإضافة إلى بقايا أعمدة حجرية وأوزان ميزان، ما يدعم فرضية أن المنطقة كانت جزءًا من شبكة تجارية نشطة في ذلك الزمن.
التفسيرات المحتملة
يُثير هذا الاكتشاف جدلًا بين علماء الآثار، إذ يعتبره البعض دليلًا على امتداد نفوذ الدولة المصرية إلى شرقي الأردن، بينما يرى آخرون أنه قد يكون نتيجة تبادل تجاري أو هدية دبلوماسية تم تداولها عبر القوافل التجارية التي كانت تمر بالمنطقة.
الدكتور سامر الخوالدة، أستاذ علم الآثار بجامعة اليرموك، صرّح قائلًا: "هذا الاكتشاف قد يعيد رسم خريطة التفاعل بين الحضارات القديمة، ويعكس ديناميكية العلاقة بين وادي النيل والمشرق العربي. نحن أمام أدلة قوية تشير إلى وجود نوع من التواصل الحضاري والسياسي لم يُسلّط عليه الضوء بما يكفي في السابق."
أهمية الاكتشاف
تكمن أهمية هذا الخرطوش في كونه أول دليل مادي مباشر على وجود أثر لرمسيس الثالث خارج الأراضي المصرية والفلسطينية، الأمر الذي يعيد النظر في حدود النفوذ الفرعوني، ويفتح الباب أمام اكتشافات مستقبلية قد تُثبت وجود مراكز نفوذ فرعونية مؤقتة أو دائمة في شرق الأردن.
ويعكف حاليًا الفريق البحثي على إجراء تحليلات دقيقة باستخدام تقنيات الكربون المشع، وتحليل النقوش، إضافة إلى فحص التربة المحيطة، لتحديد العمر الدقيق للقطعة وسياقها الزمني والجغرافي.
خاتمة
في الوقت الذي ما زال فيه الكثير من أسرار الحضارة الفرعونية طي الكتمان، يأتي هذا الاكتشاف ليدفع بعجلة البحث العلمي إلى آفاق جديدة، ويُذكرنا بأن الأرض لا تزال تُخبّئ بين طيّاتها الكثير من المفاجآت. ومع استمرار الدراسات، قد يشهد العالم مزيدًا من الأدلة التي تربط الحضارات القديمة بروابط لم تُكتشف بعد.