أعاصير ڼارية تدمر غابات بأكملها في دقائق.. هل هذا وجه جديد لتغير المناخ

موقع أيام تريندز

عواصف ڼارية تدمر غابات بأكملها في دقائق… هل هذا وجه جديد لتغير المناخ؟

في مشهد يبدو كأنه مقتبس من أفلام الكوارث، اجتاحت عواصف ڼارية ضخمة غابات بأكملها في مناطق متفرقة من العالم خلال الأشهر الأخيرة، مخلّفة وراءها دمارًا غير مسبوق ومشاهد مرعبة من النيران التي تلتهم كل شيء في طريقها خلال دقائق معدودة. وبينما يكافح رجال الإطفاء من الأرض والجو، تتصاعد أصوات العلماء محذّرة: هذه ليست حرائق غابات اعتيادية، بل ظاهرة جديدة ومرعبة تُعرف بـ"العواصف الڼارية" – أحد الأوجه الشرسة لتغير المناخ.

حرائق تتحول إلى عواصف

العواصف الڼارية أو ما يُعرف علميًا بـ"PyroCumulonimbus" هي ظاهرة تحدث عندما تبلغ حرارة الحريق مستويات شديدة تؤدي إلى تصاعد الدخان والهواء الساخن بسرعة هائلة، مكوّنة سحبًا تشبه تلك التي تولّدها العواصف الرعدية. هذه السحب بإمكانها إطلاق برق، رياح عاتية، وحتى إشعال حرائق جديدة في مناطق بعيدة، مما يجعل من السيطرة عليها أمرًا شبه مستحيل.

وقد سُجّلت مؤخراً عواصف ڼارية مدمّرة في كلٍّ من أستراليا، وكندا، والولايات المتحدة، وحتى في أجزاء من جنوب أوروبا. في بعض الحالات، دُمرت مساحات شاسعة من الغابات خلال أقل من 30 دقيقة، وهو ما لم يكن يُسجّل من قبل بهذا الشكل المتكرر والعڼيف.

 شهادات من قلب الچحيم

في مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية، وصف السكان مشهد العاصفة الڼارية التي اجتاحت الغابات المحيطة بـ"تسونامي ڼاري"، حيث تسابق الناس للهروب من ألسنة اللهب التي قفزت فوق الطرقات والأنهار دون أن تتوقف. أحد رجال الإطفاء قال لوسائل الإعلام: "ما شاهدته لم يكن حريقًا، بل إعصار من الڼار والرماد… لم نكن نملك أي وسيلة لإيقافه".

 التغير المناخي في قفص الاتهام

العلماء لم يترددوا في الربط بين هذا النوع الجديد من الحرائق وبين التغير المناخي. ارتفاع درجات الحرارة، انخفاض نسبة الرطوبة، وتزايد فترات الجفاف عوامل كلها تسهم في خلق بيئة مثالية لتكوّن العواصف الڼارية.

يقول الدكتور ماركوس هيلدبراند، خبير المناخ في جامعة أوسلو: "ما نراه هو تحوّل نوعي في سلوك النيران، وليس فقط كمًّا. إنها نتيجة حتمية لاختلال النظام المناخي، وكل الدلائل تشير إلى أن هذه الظاهرة ستتكرر بوتيرة أسرع وفي أماكن لم نكن نتصورها من قبل".

 تأثيرات تتجاوز البيئة

الأضرار لا تتوقف عند الغابات. العواصف الڼارية تترك خلفها تأثيرات كارثية على جودة الهواء وصحة السكان. فالدخان المتصاعد منها يحتوي على جسيمات دقيقة ملوثة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل تنفسية حادة، وقد يمتد أثرها إلى آلاف الكيلومترات.

وفي بعض الحالات، وصلت هذه العواصف إلى مناطق سكنية، فدمّرت منازل، وقټلت مواطنين، وشرّدت آلاف الأسر. الأمر الذي دفع بعض الحكومات إلى إعلان حالة الطوارئ البيئية، وزيادة مخصصات الطوارئ لمواجهة الحرائق.

هل من حلول في الأفق؟

رغم خطۏرة الوضع، يرى خبراء البيئة أن هناك إجراءات عاجلة يمكن اتخاذها لتقليل خطړ العواصف الڼارية، من بينها:

- إعادة هيكلة الغابات: عبر تقليص الكثافة النباتية وإزالة المخلفات القابلة للاشتعال.
- تحسين أنظمة الإنذار المبكر: باستخدام الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي.
- الاستثمار في تقنيات الإطفاء الجوية: لتقليل زمن الاستجابة ومكافحة النيران في مراحلها الأولى.
- مواجهة التغير المناخي بجدية: من خلال خفض انبعاثات الكربون وتنفيذ اتفاقات المناخ العالمية.

نذير لما هو قادم؟

مع تصاعد الظواهر المناخية المتطرفة، تمثل العواصف الڼارية جرس إنذار جديد، يدعونا لإعادة التفكير في علاقتنا بالطبيعة. فالمناخ لم يعد يبعث برسائل تحذير ناعمة، بل بات يطلق صفارات إنذار عالية، تُترجم إلى نيران تلتهم الغابات، ومدنًا تختنق بالدخان، وحياة تتغير تحت وطأة حرارة لا ترحم.

يبقى السؤال الأهم: هل نستجيب قبل فوات الأوان؟ أم أن العواصف الڼارية ستصبح وجهًا دائمًا من وجوه واقعنا المناخي الجديد؟