القرية الزرقاء في الهند: لماذا كل المنازل هنا زرقاء

تقع “القرية الزرقاء” في منطقة جودبور بولاية راجستان شمال غرب الهند، وتشتهر بطلاء منازلها بدرجات الأزرق المتنوعة التي جسدت تراثًا ثقافيًا ودينيًا مع فوائد عملية وبيئية. يعود هذا التقليد إلى طبقة البراهمة، التي استخدمت اللون لتمييز منازلهم والاجتماع بروح مقدسة لاعتماده كلون إلهي، قبل أن يتبناه بقية السكان لأغراض التبريد ومقاومة الحشرات. ومع الوقت أصبح الطلاء الأزرق عامل جذب سياحي وأداة للتنمية المستدامة، مع الحفاظ على طابع القرية التراثي.
1. الموقع والتاريخ
1.1 جغرافيا القرية
تقع القرية على مشارف مدينة جودبور، في منطقة جالوار، على ارتفاع نحو 300 متر فوق سطح البحر ضمن تضاريس هضاب أروافالي .
تشبه القرية “جودبور الصغيرة” حيث تمتد البيوت الزرقاء على المنحدرات المحيطة بحصن محلي، مانحةً مشهدًا يخطف الأبصار عند الغروب.
1.2 الجذور التاريخية
يرجع تاريخ الاستيطان في المنطقة إلى قرون ماضية، حين أنشأ الأمراء حصنًا صغيرًا يحمي القرى من الغزوات .
خلال حكم مهراجا راجستان في القرن التاسع عشر، شُجّع السكان على طلاء جدرانهم لحمايتها من عوامل المناخ الجاف والرياح الحاملة للغبار .
2. الدوافع الثقافية والدينية
2.1 ارتباط بالبراهمة
وفقًا للأسطورة المحلية، بدأ طلاء البيوت بالأزرق لدى كهنة البراهمة للتفريق بين منازلهم وأخرى، وجعلها مستوحاة من لون الإله كريشنا شيفا الأزرق .
اعتُبر الأزرق رمزًا للطهارة والسطوة الروحية، فاحتفظ به أفراد الطبقة الكهنوتية مع عقود لاحقة.
2.2 انتقال اللون إلى عامة السكان
مع مرور الزمن، تبنى باقي أهل القرية اللون الأزرق “للالتحاق بالبراهمة” واعتباره علامة على الاحترام الاجتماعي والولاء الروحي .
انتشر اللون في كل الأزقة فتشكلت لوحة زرقاء موحدة تمنح القرية هويتها الفريدة.
3. الأسباب البيئية والعملية
3.1 تبريد المنازل في الصيف
تعمل الدهانات الفاتحة، والأزرق خاصة، على عكس أشعة الشمس وتقليل امتصاص الحرارة، مما يخفض حرارة الداخل بشكل ملحوظ في صيف راجستان الحار (قد يصل إلى منتصف الأربعينيات) .
3.2 مقاومة الحشرات والأعفان
يُحضّر الطلاء الأزرق تقليديًا بخليط من الجير والنحاس الكبريتي، مما يمنح الجدران خاصية طاردة للنمل والوزغ والطحالب الدقيقة، ويحافظ على نظافتها ومتانتها .
4. الأثر السياحي والاقتصادي
4.1 جذب المصورين والسياح
اشتهرت القرية عالميًا بفضل صورها المنتشرة على مواقع السفر ووسائل التواصل، ما رفع عدد الزوار بنحو 30% خلال العقد الماضي .
يستفيد السكان المحليون من السياحة عبر تشغيل بيوت الضيافة الصغيرة والمطاعم وبيع الحرف اليدوية والهدايا التذكارية.
4.2 دعم البنية التحتية
نتج عن زيادة الحركة السياحية تحسينات في شبكات الطرق وتوفير مياه الشرب والكهرباء، مع الحفاظ على الواجهة الزرقاء دون تشويه .
شجّع النجاح الاقتصادي السلطات المحلية على تنظيم حملات صيانة دورية لضمان استدامة اللون والتراث.
5. الحفاظ على اللون الأزرق
5.1 حملة الطلاء السنوي
قبل موسم الربيع (مارس–أبريل)، يتعاون السكان في حملة جماعية لإعادة الدهان مستخدمين أصباغًا نباتية ورماد الخشب مع الجير، للحصول على درجات الأزرق المطلوبة .
5.2 تأثير عالمي
ألهمت شعبية القرية مبادرات لطلاء قرى أخرى حول العالم بألوان مميزة كجزء من التسويق السياحي والثقافي، ما يعكس قوة الفكرة وأثرها البصري والجماعي