الصين تعلن عن أول طفل معدل جينيًا بمقاومة للأمراض الوراثية

في 26 نوفمبر 2018، أعلن الباحث الصيني هيه جيانكوي عن ولادة أول توأم معدلين جينياً باستخدام تقنية كريسبر-كاس9 بهدف منحهما مقاومة لفيروس نقص المناعة البشرية . استُخدم في التجربة تعديل جين CCR5 الذي يلعب دوراً أساسياً في دخول فيروس الإيدز إلى الخلايا، حيث سعى العلماء لإزالة وظيفة هذا الجين لتقليل قابلية الفتاتين "لولو" و"نانا" للإصابة بالفيروس . وعلى الرغم من الطموح الطبي، بلغت الإجراءات القانونية ثمارها في ديسمبر 2019 بإحالة هيه إلى السچن ثلاث سنوات وغرامة ثلاثة ملايين يوان پتهمة مخالفة اللوائح الطبية والأخلاقية .
خلفية تقنية تحرير الجينات
تقنية كريسبر-كاس9 تمثل ثورة في هندسة الجينات بفضل قدرتها على استهداف مواقع دقيقة في الجينوم وإجراء تعديلات محددة بسهولة نسبية مقارنة بالأساليب التقليدية . أثبتت دراسات على الفئران أن إزالة جين CCR5 قد تحسن وظائف الذاكرة لديهم، ما أثار اهتمام بعض المؤسسات باستخدامه لعلاج أمراض متعددة تتجاوز عدوى فيروس نقص المناعة البشرية . غير أن التأثيرات غير المرغوب فيها وطفرات غير مقصودة في مناطق أخرى من الجينوم قد تشكل خطراً صحياً دائماً، مما يفرض الحاجة لمزيد من الأبحاث قبل أي تطبيق سريري على البشر .
إعلان ولادة أول طفل معدل جينياً
فجر إعلان هيه جيانكوي في مؤتمر هونغ كونغ ردود فعل واسعة بعد أن نشر فيديوهات يوثق فيها تعديل الحمض النووي لأجنة التوأم قبل ولادتهما في أكتوبر 2018 . أشارت وثائق مسربة إلى أن التجربة نُفذت بسرية تامة في جامعة شنتشن للعلوم والتكنولوجيا دون موافقات واضحة من لجان أخلاقيات مستقلة، مما أثار مخاۏف من خروقات قانونية . وقد توقف المختبرات الصينية عن إجراء أي أبحاث مماثلة حتى إتمام التحقيق الرسمي وصدور توجيهات صارمة من اللجنة الوطنية للصحة في بكين .
ردود الفعل الرسمية والأخلاقية
استنكرت وزارة التعليم الصينية وهيئات بحثية رسمياً هذه التجربة، مؤكدة أنها لا تعكس السياسات الرسمية للبلاد بشأن تعديل الجينات البشري . واعتبر أكثر من مئة عالم الصينيين المشاركين أن خطوة تعديل الأجنة الغربية "چنونية" وتخالف المعايير الأخلاقية المقبولة دولياً . وأضاف خبراء أن تعديل CCR5 قد يؤثر أيضاً على وظائف دماغية مثل الذاكرة، وهو ما استندوا إليه في تحذيراتهم من تطبيقات مبكرة قد تضر بصحة الأطفال على المدى الطويل . وفي ديسمبر 2019، أصدرت محكمة صينية حكماً بسجن هيه ثلاث سنوات وغرامة ثلاثة ملايين يوان پتهمة ممارسة الطب بشكل غير قانوني وانتهاك لوائح البحوث . ومنذ ذلك الحين، اختفت أبحاث هيه من مشهد التعاون الأكاديمي وأوقفت المؤسسات أي صلات له علنياً .
الآفاق المستقبلية
بالرغم من الانتقادات الحادة، يرى بعض الباحثين أن نجاح تعديل الجينات بشرط تطوير تقنيات أكثر دقة وضمان بروتوكولات صارمة قد يفتح آفاقاً لعلاج الأمراض الوراثية المستعصية في المستقبل . وتظل تجربة هيه جيانكوي نقطة تحول تاريخية تؤكد ضرورة توازن الابتكار العلمي مع مسؤوليات الأخلاقيات الطبية والضوابط التنظيمية الدولية .