الجمعة 23 مايو 2025

لغز أطلانتس الشرق: اكتشاف هيكل حجري ضخم في المحيط

موقع أيام تريندز

يشكل اكتشاف هيكل صخري ضخم مغمور تحت مياه المحيط الهادئ قرب جزيرة يوناغوني اليابانية أحد أكثر الألغاز إثارة للجدل في الأبحاث الأثرية والجيولوجية.
يُرجع البعض هذا الاهتمام إلى أسطورة مدينة أطلانتس التي وردت في حواري أفلاطون "تيمايوس" و"كريتياس"، حيث شكّلت تلك الأسطورة محفزاً للبحث عن مدن غارقة حول العالم.
عرف هذا البناء باسم "معلم يوناغوني" أو "يوناغوني مونومنت"، ويقع على عمق يُقدَّر بنحو 26 متراً تحت سطح البحر، وعلى مسافة تقارب 100 كيلومتر شرق تايوان.

اكتشاف الموقع

بدأت القصة عام 1986 عندما لاحظ الغواص كيهاتشيرو أراتاكي، مدير جمعية سياحة يوناغوني-تشو، تكوّنات صخرية على قاع البحر تبدو وكأنها هياكل معمارية مدرجة.
سرعان ما أثار هذا المشهد اهتمام فريق من العلماء بقيادة الجيولوجي البحري ماساكي كيمورا من جامعة ريوكيو الذي أجرى أولى الدراسات الميدانية لتوثيق ومراقبة هذه التكوينات الغامضة.

الوصف الفيزيائي

يظهر معلم يوناغوني على شكل مدرجات صخرية متتالية ذات أسطح مستوية وحواف مستقيمة تشبه الهندسة البشرية، ما أثار الدهشة لدى من شاهدوه أول مرة.
لوحظت أيضاً في الموقع قنوات وخطوط شبيهة بالطرق، بالإضافة إلى فتحات ومساحات مستوية تذكّر ببعض المباني القديمة مثل المدرّجات الهرمية.

الخصائص الجيولوجية

يتكون هذا المعلم من صخور رملية وطينية تنتمي إلى مجموعة يايميما من العصر الميوسيني السفلي، يُعتقد أنها ترسبت قبل نحو 20 مليون سنة.
ترتبط معظم هذه الصخور بالكتلة الصخرية الأم في الموقع، مما يقلل من احتمالية كونها أحجاراً منفصلة نُقلت أو شُيّدت بواسطة الإنسان.

الجدل حول المنشأ

ادّعى ماساكي كيمورا أن مدارج وزوايا هذا الهيكل تدل على هندسة بشړية متقنة، وقدّر عمر التكوين الأصلي بأكثر من 10,000 سنة ما يربطه بفترة ما قبل ارتفاع منسوب المياه بعد العصر الجليدي.
ربط كيمورا هذا الاكتشاف بفكرة قارة "مو" الأسطورية وحضارة "ياماتاي" القديمة، ما غذّى روايات أسطورية عن وجود "أطلانتس الشرق" تحت مياه اليابان.
غير أن وكالة الشؤون الثقافية اليابانية وحكومة مقاطعة أوكيناوا لم تعترفا بالمعلم كأثر ثقافي ولم تقوما بأي مشروع بحثي أو ترميمي رسمي في الموقع.
نُشرت في عام 2007 مقالة في ناشيونال جيوغرافيك تناولت هذه التكوينات ووصفَتْها بأنها "هرم تحت الماء" وأبرزت الجدل بين كيمورا ومن يرى أنها ظاهرة طبيعية.

نظريات النشأة الطبيعية

يرى عدد من الجيولوجيين، على رأسهم روبرت سكوتش وفولف فيخمان، أن التكوينات صخرية طبيعية تماماً، ناتجة عن تكسر الصخور على امتداد طبقاتها وفواصلها الطبيعية بفعل الزلازل والتعرية.
أظهرت دراسة عام 2019 بالاعتماد على نموذج تضاريسي رقمي وتحقيقات ميدانية أن هذه التكوينات شكلتها عوامل التعرية الطبيعية وتقلبات منسوب البحر دون حاجة لتدخل بشړي.

الأهمية الثقافية والسياحية

على الرغم من الجدل الحالي، أصبح معلم يوناغوني وجهة مفضلة للغواصين الباحثين عن مغامرة استكشافية، خصوصاً مع وفرة أسماك قرش المطرقة في المنطقة خلال فصل الشتاء.
كما استقطب الموقع اهتمام الغواصين البارزين مثل جاك مايو الذي دون تجاربه في هذا الموقع ضمن كتاباته حول الغوص العالمي.

مستقبل الأبحاث

إلى اليوم، لم تقم الجهات الحكومية اليابانية بإجراء مسوحات سيزمية أو أخذ عينات أحفورية رسمية من الموقع، مما يترك الباب مفتوحاً أمام الباحثين لإجراء دراسات جديدة قد تكشف المزيد عن طبيعة هذا الهيكل وتاريخه.

يبقى معلم يوناغوني لغزاً يجمع بين سحر الأساطير وتحديات العلم؛ فهو يمثل نقطة التقاء بين فرضية "الحضارة الغارقة" ونظرية النشأة الطبيعية للصخور، ما يستدعي استمرار الأبحاث والتنقيب لمعرفة الحقيقة كاملة.