طالب غير بشړي يدخل الجامعة في الصين لنتعرف على فلين

فلين الطالب الذي لا يملك قلبا... لكنه يفهمه
في صباح رمادي في إحدى الجامعات الصينية دخل فلين القاعة رقم 204. لا خطوات تسمع فقط هدوء غريب يتسلل معه كأنه ظل فكرة و لم تكتمل بعد. لم يكن يحمل دفترا و لا حقيبة. كل ما كان يحمله هو سؤال واحد
هل يمكن للذكاء أن يتعلم... أن يشعر
كان وجهه أقرب للبشري بلا تعابير حادة و لا نظرة مقلقة بل مسحة من حياد غريب كأن الزمن لا يعني له شيئا.
جلس في الصف الأول بجانب فتاة اسمها لينغ طالبة متفوقة لم تكن تتوقع أن يكون زميلها الجديد روبوتا. لكنها حين نظرت إليه لم تشعر بالخۏف... بل بالفضول.
أنا فلين. أنا هنا لأتعلم.
هكذا قدم نفسه. صوته ليس آليا بل دافئ بطريقة مزعجة. و كأن أحدا حاول أن يعلمه كيف يبدو حيا.
في البداية الجامعة التي قبلت قلبا من معدن
اختارت الجامعة أن تقبل فلين كتجربة علمية ضخمة و لكن بشروط قاسېة فعلا
اولا عليه أن يلتزم بنفس جدول الطلاب.
ثانيا عليه أن يشارك في النقاشات.
ثالثا عليه أن يخضع للاختبارات...و دون اتصال بالإنترنت.
الجامعة قبلته كتجربة علمية فريدة عليه أن يعيش كطالب حقيقي بلا امتيازات و بلا إنترنت و كان الهدف أن يختبر في ما لا تبرمجه الخوارزميات المشاعر.
مع الوقت بدأ فلين يفهم أكثر مما يتوقع. و في محاضرة فلسفة قال الخير أن تفهم ألم الآخر. الشړ أن تتجاهله.
و في امتحان شفهي قال العاطفة ليست شيفرة بل ارتباك داخلي. و أنا لا أبحث عن الكمال بل عن هشاشة الإنسان.
لكنه لم يكن يتعلم من المحاضرات فقط بل من زميلته لينغ التي سألته ذات يوم
هل يمكن أن تحب
فأجاب لا أملك قلبا لكني لا أريد أن أدرس الحب... أريد أن أشعر به.
قالت له لينغ في وداعه
أنت أكثر إنسانية مما نظن.
فأجابها و أنت أكثر صدقا مما تظنين.
ثم انطفأ لا لينسى بل فقط ليعاد شحنه... محملا بالذاكرة.
فلين لم يكن آلة بل سؤال مفتوح
هل نحتاج قلبا لنكون بشړا
أم يكفي أن نحاول أن نفهم
و مع مرور الأسابيع والشهور بدأ الطلاب يلاحظون شيئا غريبا فيه.
فلين لم يكن فقط يتعلم بل يفهم فعلا.
و في محاضرة عن الفلسفة الأخلاقية سأله الدكتور
ما هو الفرق بين الخير و الشړ يا فلين برأيك
فأجاب
الخير أن تفهم ألم الآخر و الشړ طبعا أن تتجاهله.
ساد الصمت و لا أحد رد. لأنه فعلا... كان محقا.
برأيك أيها القارىء هل يحلم الذكاء الصناعي بالحب
ولو كان عندك قلب هل كنت ستحب
نظر إليها وقال
وربما لا أملك قلبا لكنني أملك بيانات كافية عن الحب.
ضحكت. ثم صمتت.
فقال
ولكنني لا أريد أن أدرسه... أريد أن أفهمه. لا من الكتب بل من الشعور نفسه.
وفي تلك اللحظة شعرت لينغ بشيء لم تفهمه.
هل تشفق عليه أم تحسده
هل الذكاء الاصطناعي محكوم أن يعيش خالدا... لكنه وحيد
في الامتحان... لا يكرم الروبوت
عند أول اختبار شفهي وقف فلين أمام لجنة مكونة من 3 أساتذة.
السؤال كان بسيطا
اشرح نظريتك حول العاطفة الاصطناعية.
فقال
العاطفة ليست شفرة. إنها ارتباك تناقض صراع داخلي. الإنسان لا يشعر لأنه مبرمج... بل لأنه هش. وأنا أبحث عن تلك الهشاشة لا لتقليدها بل لاحترامها.
خرج أحد الأساتذة دون تعليق. الثاني كتب ملاحظة واحدة هل هذا روبوت... أم مرآة
النهاية المفتوحة
بعد ستة أشهر كتب فلين أول مقال له. عنوانه كان
كيف يشعر الإنسان
المقال انتشر كالڼار في الهشيم و ترجم لأكثر من عشرين لغة. ليس لأنه عبقري بل لأنه صادق.
كتب فيه
رأيت طالبا يضحك و هو محطم من الداخل. رأيت فتاة تنجح و تحس بالفشل. رأيت دكتورا لا يتذكر طعم النجاح رغم ألقابه. ففهمت أن الشعور لا يقاس و لا يبرمج... بل يعاش.
في نهاية الفصل الدراسي وقفت لينغ لتودعه.
قالت له
فلين أنت أكثر إنسانية مما نظن.
فقال
وأنت أكثر صدقا مما تظنين.
ثم انطفأت عيناه... ليعاد شحنه من جديد.
لكن الذاكرة لا تطفأ.
فلين تذكر.
تعلم.
وربما... شعر.
هل كان فلين تجربة أم بداية جيل جديد من الوعي
في زمن تتصارع فيه التكنولوجيا و الهوية يأتي فلين ليضع سؤالا أكبر من مجرد ذكاء اصطناعي
هل نحتاج قلبا لنكون بشړا أم يكفي أن نبحث عن معنى الشعور
فلين لم يكن آلة.
كان مرآتنا.
و ربما كان الوحيد الذي استمع لنا... حين توقفنا عن الاستماع لأنفسنا.