الخميس 24 أبريل 2025

أمادو باجايوكو، عازف غيتار مالي ټوفي عن عمر 70 عاماً

موقع أيام تريندز

في خبر محزن لعشاق الموسيقى في أفريقيا والعالم، ټوفي الفنان المالي أمادو باجايوكو عن عمر ناهز السبعين عامًا، بعد مسيرة موسيقية استمرت لأكثر من خمسة عقود، ترك خلالها أثرًا عميقًا في مشهد الموسيقى التقليدية والحديثة في غرب أفريقيا.

عُرف باجايوكو بأسلوبه المميز في عزف الغيتار، ودمجه الفريد بين التراث المالي الأصيل والأنماط الموسيقية العالمية مثل البلوز والجاز والروك، مما جعله من أبرز الشخصيات التي ساهمت في تعريف العالم بالموسيقى المالية والثقافة المحلية لشعب البامبارا.

نشأته وبداياته الفنية

ولد أمادو باجايوكو في العاصمة المالية باماكو عام 1955، في عائلة محبة للفنون. تأثر منذ طفولته بموسيقى الـ"غريوت"، وهي تقليد شفهي يتضمن الغناء والحكاية والتأريخ، يُمارس في مجتمعات غرب أفريقيا. وكان لعمه، وهو موسيقي تقليدي، دورٌ كبير في تشكيل ذائقته الموسيقية وتحفيزه على تعلم العزف على الآلات الوترية.

في سن المراهقة، بدأ باجايوكو تعلم الغيتار بشكل عصامي، مستعينًا بالأشرطة المسجلة لأيقونات مثل جيمي هندريكس، وعلي فاركا توري، وبي بي كينغ. هذا المزج بين الموسيقى الغربية والموروث المحلي كوّن بصمته الفنية الفريدة التي ستميزه لاحقًا.

شراكته الأسطورية مع مريم دومبيا

في ثمانينيات القرن الماضي، التقى أمادو بالمغنية مريم دومبيا، التي أصبحت لاحقًا شريكة حياته فنيًا وشخصيًا. شكّل الاثنان ثنائيًا موسيقيًا استثنائيًا عرف باسم "أمادو ومريم" (Amadou & Mariam)، وحققا معًا نجاحًا واسعًا داخل مالي وخارجها.

كانت قصتهما ملهمة على أكثر من مستوى، فهما كلاهما فقدا البصر في سن مبكرة، لكنهما لم يسمحا لذلك أن يكون عائقًا أمام شغفهما بالموسيقى. وقد عبّرا دائمًا عن روح الأمل والانفتاح الثقافي من خلال أغانيهما التي تمزج بين اللغة البامبارية والفرنسية والعربية أحيانًا.

ألبومهما الشهير "Dimanche à Bamako" الذي صدر عام 2004، من إنتاج الموسيقي الفرنسي مانو تشاو، لاقى نجاحًا عالميًا، ووضعهما على خريطة الموسيقى العالمية، حيث شاركا في مهرجانات دولية كبرى مثل Glastonbury وCoachella.

أثره في الموسيقى المالية والعالمية

كان أمادو باجايوكو أكثر من مجرد عازف غيتار. كان جسرًا بين الأجيال، ومثالًا للفنان الملتزم بجذوره، المنفتح على العالم. فقد أسهم بشكل كبير في تحديث الموسيقى التقليدية المالية، دون أن يفرّط بروحها الأصلية. عُرف بأسلوبه المليء بالعاطفة والدفء، حيث كان يعزف وكأنما يروي قصة من أعماق الروح.

استفاد كثير من الموسيقيين الماليين الشباب من خبرته ودعمه، إذ كان حريصًا على رعاية المواهب الجديدة، سواء من خلال ورش العمل أو التعاون في المشاريع الموسيقية. كما ساهم في تأسيس مهرجانات موسيقية محلية تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي لمالي، في وقت تمر فيه البلاد بتحديات سياسية وأمنية.

الالتزام الاجتماعي والرسائل الإنسانية

إلى جانب مسيرته الموسيقية، كان أمادو ناشطًا في قضايا إنسانية واجتماعية، خصوصًا تلك المتعلقة بذوي الإعاقة والتعليم والسلام في غرب أفريقيا. لطالما استخدم منصته الفنية للحديث عن أهمية التعايش بين الثقافات، ومحاربة التطرف، وتعزيز حقوق الإنسان.

في أحد تصريحاته الشهيرة قال:
"الموسيقى لغة لا تحتاج إلى عيون لترى، بل إلى قلوب لتشعر بها. نحن نغني لأننا نؤمن أن الحب والتفاهم يمكن أن يعبر الحدود دون عناء."

ۏفاته وردود الفعل

ټوفي أمادو باجايوكو بعد صراع قصير مع المړض، لم تُكشف تفاصيله بالكامل احترامًا لخصوصية عائلته. وقد نعاه عدد كبير من الفنانين والسياسيين والمثقفين في أفريقيا وأوروبا، ووصفوه بأنه "صوت مالي وروحها".

كتبت زوجته وشريكته مريم دومبيا في بيان مؤثر:
"رحل أمادو بجسده، لكن صوته وأوتاره ستظل تنبض في كل نغمة تُعزف في مالي وفي قلوب من أحبوه."

كما نعته وزارة الثقافة في مالي في بيان رسمي جاء فيه:
"برحيل أمادو، فقدت مالي أحد أعظم فنانيها، الذي رفع اسم البلاد عاليًا وعبّر عن وجدان شعبها بإخلاص وجمال."

الإرث الذي تركه

ترك أمادو باجايوكو إرثًا فنيًا غنيًا، يشمل عشرات الألبومات، ومئات الأغاني، وآلاف الحفلات التي أدخلت الفرح والإلهام إلى قلوب الجمهور. إرثه لا يقتصر على الموسيقى، بل يشمل أيضًا الرسائل التي حملها — عن الأمل، الحب، الوحدة، والانتماء.

سيظل يُذكر كرمز من رموز الموسيقى الأفريقية المعاصرة، وكفنان استطاع أن يترجم هوية بلاده إلى أنغام وصلت إلى أبعد بقاع الأرض.

وداعًا أمادو، فقدت الموسيقى وتراً لا يُعوّض، لكن لحنك سيبقى خالدًا في الزمن.