الإثنين 21 أبريل 2025

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم: حوارات مُستمرة بين الخبراء.

موقع أيام تريندز

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم: حوارات مُستمرة بين الخبراء

في ظل تسارع الابتكارات التقنية، يفرض الذكاء الاصطناعي (AI) نفسه لاعباً أساسياً في الحقل التربوي، مثيراً نقاشات متواصلة حول أخلاقياته وتأثيره على العملية التعليمية. فبين مؤيدين يرون فيه فرصة تاريخية لتحسين جودة التعليم، وآخرين يحذرون من مخاطره على العدالة والمساواة، تتسع دائرة الحوار بين الخبراء وصنّاع القرار في العالم.

التعليم تحت مجهر الذكاء الاصطناعي

تُستخدم اليوم تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة داخل المؤسسات التعليمية، من تحليل أداء الطلاب، إلى تصميم مناهج شخصية تتلاءم مع قدرات كل طالب، وصولاً إلى تقديم خدمات المساعدة الذكية وتقييم الامتحانات. إلا أن هذا التوسع السريع يطرح تساؤلات حرجة: هل تُراعى الخصوصية؟ ما مدى نزاهة خوارزميات التقييم؟ وهل هناك ضمانات لعدم التمييز أو التحيّز؟

تحذيرات من "التحيّز الخفي"

تشير دراسات حديثة إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تعيد إنتاج تحيّزات قائمة سلفاً في المجتمع، ما قد يؤدي إلى تقييم غير عادل لقدرات الطلاب، خاصة أولئك المنتمين إلى خلفيات اجتماعية أو ثقافية معينة. ويؤكد خبراء أن تدريب الخوارزميات على بيانات غير متوازنة قد يرسّخ هذه المشكلة.

الدكتورة سارة الهاشمي، أستاذة تقنيات التعليم بجامعة خليفة، تقول في تصريح خاص: "يجب أن ننتبه إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس محايداً بطبيعته، بل هو انعكاس مباشر للبيانات التي يُغذى بها. ومن هنا تنبع أهمية التدقيق الأخلاقي المستمر في كل مرحلة من مراحل تطوير هذه الأنظمة."

دعوات لتشريعات واضحة

في المقابل، يطالب متخصصون بضرورة وضع إطار قانوني وأخلاقي يُنظّم استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم. وتشير منظمات دولية، من بينها "اليونسكو" و"المنتدى الاقتصادي العالمي"، إلى ضرورة اعتماد مبادئ الشفافية، والخصوصية، والمساءلة عند دمج هذه التقنيات داخل الصفوف الدراسية.

من جهته، يرى الدكتور وليد الخطيب، خبير الذكاء الاصطناعي في مركز السياسات الرقمية، أن "غياب التشريعات الملزمة في العديد من الدول يُشكل ثغرة خطړة، خاصة مع دخول شركات تجارية إلى حلبة تطوير أدوات تعليمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، دون رقابة تربوية كافية."

الطلاب تحت المجهر: بياناتهم لمن؟

من أبرز القضايا الأخلاقية التي تشغل المهتمين، مسألة خصوصية بيانات الطلاب. فبينما تجمع منصات تعليمية كبرى كميات هائلة من البيانات لتحسين التجربة التعليمية، يبقى السؤال مفتوحاً: من يملك هذه البيانات؟ وكيف تُستخدم؟  

تقارير صادرة عن منظمات حقوقية تُحذر من أن هذه البيانات قد تُستغل لأغراض تجارية أو تُستخدم في تصنيف الطلاب بطريقة تضر بمستقبلهم الأكاديمي.

 الطريق نحو توازن مسؤول

في خضم هذا الجدل، تتجه الأنظار إلى تجارب عالمية رائدة تحاول الموازنة بين الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي وضمان احترام القيم التربوية والحقوق الفردية. فالمطلوب ليس التراجع عن استخدام الذكاء الاصطناعي، بل تسخيره بطريقة أخلاقية مسؤولة، تراعي العدالة، وتحفظ كرامة الطالب والمعلم على حدّ سواء.

تبقى أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم ملفاً مفتوحاً، ونقاشاً لا يزال في بداياته. ومع كل تطور تقني جديد، تُطرح أسئلة جديدة، وتُفتح آفاق أوسع... والسؤال الأهم: هل نملك الجرأة لصياغة تعليم المستقبل بمعايير إنسانية لا تُخطئ البوصلة؟