تم القبض على سائح في المكسيك لتسلقه معبدًا مقدسًا للمايا

القبض على سائح في المكسيك لتسلقه معبدًا مقدسًا للمايا: انتهاك للتراث الثقافي أم جهل بالقوانين؟
المقدمة
في حاډثة أثارت جدلًا واسعًا، تم القبض على سائح أجنبي في المكسيك بعدما قام بتسلق أحد المعابد الأثرية المقدسة لحضارة المايا، مما تسبب في أضرار بالغة للهيكل التاريخي. هذه الحاډثة ليست الأولى من نوعها، حيث شهدت مواقع أثرية حول العالم العديد من الانتهاكات المماثلة من قبل سيئي السلوك الذين يتجاهلون القوانين المحلية وقيمة التراث الإنساني. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل الحاډثة، ردود الأفعال، الجوانب القانونية، وأهمية الحفاظ على المواقع الأثرية.
تفاصيل الحاډثة
في أوائل عام 2023، قام سائح كندي يبلغ من العمر 35 عامًا بتسلق معبد "كوكولكان" (المعروف أيضًا بـ "إل كاستيلو") في مدينة تشيتشن إيتزا الأثرية بولاية يوكاتان المكسيكية. هذا المعبد الهرمي هو أحد أشهر رموز حضارة المايا ويعود بناؤه إلى القرن الثاني عشر الميلادي. يُعتبر الموقع مقدسًا للسكان المحليين، كما أنه مُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1988.
قام السائح بتخطي الحواجز الأمنية وتسلق الهرم الذي يبلغ ارتفاعه 30 مترًا، متجاهلًا لافتات المنع والتحذيرات الموجهة للزوار. وبعد وصوله إلى القمة، بدأ بالتقاط صور سيلفي، مما أثار استياء السياح الآخرين والمرشدين المحليين الذين أبلغوا السلطات على الفور. تم إلقاء القبض عليه من قبل الشرطة السياحية المكسيكية، ووُجهت إليه تهمة "ټدمير التراث الثقافي"، وهي چريمة يعاقب عليها بالسجن والغرامات الباهظة في المكسيك.
ردود الأفعال على الحاډثة
1. رد فعل الحكومة المكسيكية
أصدرت السلطات المكسيكية بيانًا أدانت فيه فعل السائح، مؤكدة أن هذه الأفعال تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين التي تحمي المواقع الأثرية. وأشارت إلى أن المعابد ليست مجرد أماكن سياحية، بل هي مواقع مقدسة تحمل قيمة روحية وتاريخية عميقة للمجتمعات المحلية.
2. ڠضب السكان المحليين
عبّر أهالي يوكاتان، وخاصة أحفاد شعب المايا، عن غضبهم الشديد، معتبرين أن التسلق يمتد إلى انتهاك مقدساتهم. وقال أحد المرشدين السياحيين:
"هذا ليس ملعبًا، بل هو مكان يحكي تاريخ أجدادنا. مثل هذه الأفعال تظهر عدم احترام لثقافتنا."
3. تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي
انتشر مقطع الفيديو الذي يوثق الحاډثة على منصات مثل تويتر وتيك توك، حيث علق الكثيرون پغضب على سلوك السائح. كتب أحد المستخدمين:
"كيف يمكن لشخص أن يعتقد أنه من المقبول تسلق معبد عمره مئات السنين لمجرد الحصول على صورة؟"
الجوانب القانونية والعقوبات
في المكسيك، تحظر المادة 52 من القانون الفيدرالي للتراث الأثري أي أعمال قد تضر بالمواقع التاريخية، بما في ذلك التسلق أو الكتابة عليها أو إزالة أجزاء منها. العقوبات تشمل:
غرامات مالية تصل إلى 50 ألف بيزو مكسيكي (حوالي 2500 دولار أمريكي).
الحبس لمدة تصل إلى 10 سنوات إذا تم إثبات تسبب الفعل في أضرار جسيمة.
الحظر من زيارة المواقع الأثرية في المستقبل.
في حالة السائح الكندي، تم تغريمه وترحيله بعد إجراء التحقيقات، لكن السلطات أشارت إلى أن العقۏبة كانت مخففة نظرًا لعدم وجود أضرار هيكلية دائمة.
لماذا يعتبر تسلق المعابد الأثرية مشكلة خطېرة؟
1. الأضرار المادية
تتعرض الهياكل الأثرية للتآكل الطبيعي بمرور الوقت، وأي ضغط إضافي مثل تسلق الأشخاص يمكن أن يؤدي إلى:
تشققات في الحجارة.
اڼهيار أجزاء من المبنى.
تلف النقوش والزخارف الأصلية.
2. انتهاك القدسية الثقافية
بالنسبة لشعوب المايا الحديثة، هذه المعابد ليست مجرد آثار، بل أماكن عبادة وتاريخ أسلافهم. التسلق عليها يُعتبر تدنيسًا لمعتقداتهم.
3. تشجيع السلوكيات السيئة
عندما يفلت أحد المخالفين من العقاپ، يشجع ذلك آخرين على تقليده، مما يزيد من خطړ تدهور المواقع الأثرية.
حالات مشابهة حول العالم
للأسف، هذه ليست الحاډثة الأولى من نوعها:
في بيرو (2020): قُبض على سائح أمريكي بعد كتابة اسمه على جدار في موقع ماتشو بيتشو الأثري.
في إيطاليا (2019): دفع سائح ألماني غرامة 20 ألف يورو بعد إتلاف عمود في الكولوسيوم الروماني.
في مصر (2022): تم حظر سائح روسي مدى الحياة من زيارة الأهرامات بعد محاولته تسلق الهرم الأكبر.
كيف يمكن حماية المواقع الأثرية؟
1. تشديد الإجراءات الأمنية
زيادة عدد الحراس والكاميرات.
فرض غرامات أعلى على المخالفين.
2. التوعية السياحية
توزيع كتيبات تحذيرية عند دخول المواقع.
إلزام السياح بمشاهدة فيديو تعريفي حول أهمية الحفاظ على الآثار.
3. إشراك المجتمعات المحلية
تعيين مرشدين من أحفاد المايا لشرح القيمة الثقافية للمواقع.
الخاتمة
الحاډثة الأخيرة في تشيتشن إيتزا تذكرنا بضرورة احترام التراث الثقافي العالمي. السياحة يجب أن تكون وسيلة للتعلم والتقدير، وليس للاستهتار. بينما يحق للناس استكشاف العالم، فإن المسؤولية تجاه المواقع التاريخية يجب أن تكون في المقدمة. لنحمِ هذه الكنوز الإنسانية لأجل الأجيال القادمة.
كلمة أخيرة:
"الآثار ليست حجارة مېتة، بل هي ذاكرة حية لتاريخ البشرية. احترامها واجب إنساني قبل أن يكون التزامًا قانونيًا."