الأربعاء 23 أبريل 2025

بانغ دون لأي صاحب شركة تجزئة في الصين يقدم إجازات للموظفين التعساء عشرة أيام حفاظاً على صحتهم النفسية

موقع أيام تريندز

بانغ دون تُحدث ثورة في قطاع التجزئة الصيني بإجازات الصحة النفسية

في خطوة غير مسبوقة بقطاع التجزئة الصيني، أعلنت شركة "بانغ دون" الرائدة عن سياسة جديدة تمنح بموجبها موظفيها 10 أيام إجازة مدفوعة الأجر سنوياً مخصصة للعناية بالصحة النفسية، في محاولة لمواجهة ظاهرة الإرهاق الوظيفي المتصاعدة في القطاع. تأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز بيئة عمل صحية ومستدامة.

سياسة رائدة في بيئة عمل صعبة

يعاني قطاع التجزئة في الصين من معدلات إرهاق وظيفي مرتفعة، حيث تشير بيانات الجمعية الصينية للصحة النفسية (CMHA) إلى أن 68% من العاملين في هذا القطاع يعانون أعراضاً واضحة للإجهاد المهني، مثل التوتر المزمن، والقلق، وانخفاض مستوى الإنتاجية. ويأتي قرار "بانغ دون" كاستجابة مباشرة لهذه الأزمة الخفية، بهدف تحسين رفاهية الموظفين وتعزيز ولائهم للشركة.

وعلّق السيد لي تشينغ، مدير الموارد البشرية بالشركة، قائلاً: "الاستثمار في الصحة النفسية للموظفين لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة استراتيجية في سوق عمل تنافسي. عندما يشعر الموظفون بالدعم والاهتمام، ينعكس ذلك على أدائهم وإنتاجيتهم، وهو ما يجعل هذا القرار مربحًا للجميع".

آثار إيجابية ملموسة

منذ بدء تطبيق السياسة الجديدة، أظهرت البيانات الأولية تحسناً واضحاً في عدة مؤشرات رئيسية داخل الشركة:

انخفاض بنسبة 22% في معدل استقالات الموظفين.

ارتفاع ملحوظ في مؤشرات الرضا الوظيفي، مما يعزز بيئة العمل الإيجابية.

زيادة في إنتاجية الفرق بنسبة 15% نتيجة تحسن الحالة النفسية للعاملين.

نموذج يحتذى به

تعتبر "بانغ دون" من أوائل شركات التجزئة الصينية التي تتبنى هذه السياسة بشكل منهجي، حيث لا تقتصر المبادرة على منح إجازات نفسية فقط، بل تشمل حزمة متكاملة من الدعم النفسي، تتضمن:

إجازات نفسية مرنة، مما يسمح للموظفين باستخدامها عند الحاجة دون تعقيدات بيروقراطية.

جلسات استشارية مجانية مع مختصين في الصحة النفسية.

ورش عمل متخصصة حول كيفية التعامل مع ضغوط العمل وإدارة التوتر.

تدريب خاص للمدراء لمساعدتهم على التعرف على علامات الإرهاق النفسي لدى الموظفين وكيفية التعامل معها بفعالية.

تحديات التطبيق

ورغم الإيجابيات الواضحة، تواجه سياسة "بانغ دون" بعض التحديات، أبرزها:

التحديات الثقافية: لا تزال بعض الشركات الصينية تتعامل مع قضايا الصحة النفسية على أنها أمر غير ضروري، مما يتطلب تغييراً جذرياً في ثقافة العمل.

صعوبة قياس العائد على الاستثمار: رغم التأثيرات الإيجابية، فإن قياس الأثر المالي الدقيق لهذه السياسة لا يزال يمثل تحديًا للشركات.

التصور السلبي للإجازات النفسية: قد يعتبر البعض أن هذه الإجازات فرصة للتهرب من العمل، مما يستلزم توعية شاملة حول أهميتها وفوائدها.

مستقبل واعد

تشير توقعات خبراء الموارد البشرية إلى تغييرات كبيرة في سياسات الشركات الكبرى في الصين خلال السنوات المقبلة:

45% من شركات التجزئة الكبرى تدرس حالياً تبني سياسات مماثلة لتحسين بيئة العمل.

الحكومة الصينية تبحث إدراج بنود الصحة النفسية ضمن قانون العمل لتعزيز حقوق الموظفين.

جيل الألفية (المواليد بين 1990-2000) يفضلون العمل في شركات توفر دعماً للصحة النفسية بنسبة تصل إلى 70%، مما يعني أن الشركات التي تتبنى هذه السياسات ستحظى بجاذبية أكبر لدى المواهب الشابة.

خبير اقتصادي: قرار ذكي

يرى البروفيسور وانغ زياو، أستاذ الاقتصاد بجامعة بكين، أن هذه الخطوة ليست فقط مبادرة إنسانية، بل هي استثمار ذكي من الناحية الاقتصادية. يقول: "تشير الدراسات إلى أن تكلفة استبدال موظف واحد تصل إلى 30% من راتبه السنوي، بينما تكلفة الإجازات النفسية لا تتجاوز 5% من الميزانية التشغيلية، مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا مستدامًا".

ما بعد الإجازات: خطوات تكاملية

لا تكتفي "بانغ دون" بمنح إجازات الصحة النفسية فقط، بل تخطط لاتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز صحة الموظفين، مثل:

تطبيق نظام مراقبة الصحة النفسية لمتابعة وتحليل الضغوط الوظيفية وتأثيراتها.

إطلاق برامج دعم أقران تساعد الموظفين على تبادل الخبرات والتحديات في بيئة داعمة.

إقامة شراكات مع مراكز علاجية متخصصة لضمان حصول الموظفين على أفضل الخدمات الممكنة.

نحو ثقافة عمل أكثر إنسانية

تعد مبادرة "بانغ دون" خطوة مهمة نحو إحداث تغيير جذري في ثقافة العمل بقطاع التجزئة الصيني، الذي يشهد نمواً متسارعاً. إن التركيز على الصحة النفسية لا ينعكس فقط على رضا الموظفين وإنتاجيتهم، بل يسهم أيضاً في بناء صورة إيجابية للشركة كجهة عمل مسؤولة ومبتكرة.

مع استمرار تطور سوق العمل، يبدو أن الشركات التي تستثمر في صحة موظفيها ستكون الأكثر قدرة على الاحتفاظ بالكفاءات وتحقيق النجاح المستدام. ربما يكون قرار "بانغ دون" هو البداية لموجة من التحولات التي ستجعل الصحة النفسية جزءًا لا يتجزأ من سياسات العمل في الصين وخارجها.