مدينة تحت الجليد في غرينلاند ماذا تعرف عن معسكر سينشري (Camp Century)

يعتبر معسكر سينشري (Camp Century) أحد أكثر المشاريع العسكرية الأمريكية غرابة في فترة الحړب الباردة، حيث تم بناؤه في عمق الجليد في غرينلاند عام 1959 كموقع بحثي ومركز اختبار لتقنيات البقاء في البيئات القطبية. كان الغرض الرئيسي من المشروع إجراء دراسات علمية، لكنه كان يخفي خطة عسكرية سرية تُعرف باسم "مشروع الجليد الدائم" (Project Iceworm)، والتي تهدف إلى نشر صواريخ نووية في الأنفاق الجليدية لاستهداف الاتحاد السوفييتي.
البناء والتصميم
تم تصميم المعسكر على شكل مدينة صغيرة تحت الجليد، تحتوي على ثكنات للجنود، مختبرات، مستشفى، محطة طاقة تعمل بالطاقة النووية، وحتى مرافق ترفيهية مثل صالة رياضية وقاعة طعام. استخدمت القوات الأمريكية أنفاقًا محفورة داخل الجليد لإنشاء المساحات الداخلية، وتم تدعيم الجدران بأسطح معدنية لحمايتها من الاڼهيار.
مشروع الجليد الدائم (Project Iceworm)
رغم أن معسكر سينشري تم تقديمه كموقع أبحاث علمية، إلا أن الهدف الحقيقي كان اختبار إمكانية إنشاء شبكة من الأنفاق الجليدية لإخفاء ونقل صواريخ نووية بعيدة المدى قادرة على ضړب الأهداف السوفييتية. كانت الفكرة تعتمد على أن الجليد سيخفي الصواريخ ويحميها من الھجمات، مما يجعلها رادعًا نوويًا استراتيجيًا.
التحديات والاڼهيار
سرعان ما ظهرت المشكلات التي أدت إلى فشل المشروع، حيث لم يكن الجليد مستقرًا كما توقع المهندسون. بدأ الجليد في التحرك والاڼهيار داخل الأنفاق، مما جعل من المستحيل الحفاظ على الاستقرار الهيكلي للموقع. وبحلول عام 1967، تم التخلي عن المعسكر وإغلاقه نهائيًا.
التداعيات البيئية
ظل معسكر سينشري مدفونًا تحت الجليد لعقود، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ، بدأ الجليد في الذوبان، مما أثار قلق العلماء بشأن المواد المشعة والكيماوية المتبقية في الموقع، مثل وقود الديزل والنفايات النووية. وقد حذرت الدراسات الحديثة من أن هذه المواد قد تتحرر في المستقبل، مما قد يسبب مشكلات بيئية خطېرة.
خاتمة
يبقى معسكر سينشري واحدًا من أكثر المشاريع العسكرية الأمريكية طموحًا، لكنه كان أيضًا مثالًا على كيف يمكن للطبيعة أن تتغلب على التكنولوجيا البشرية. وبينما يستمر ذوبان الجليد القطبي، يظل مصير النفايات المدفونة في الموقع موضع قلق للعلماء وصناع القرار.